انتقل بالأمس إلى جوار الله تعالى السيد أمين عقيل عطاس بعد مكابرة مع المرض وصبره عليه ونسأل الله ينزله منازل الابرار والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا . والسيد أمين درس في مدارس الفلاح بمكةالمكرمة وكان من الأوائل في دفعته وحصل عى بعثة دراسية في الخارج وكانت المملكة ترسل طلابها غالباً إلى مصر فدرس في كلية التجارة وتخرج من قسم المحاسبة وعمل بمصلحة الزكاة والدخل التابعة لوزارة المالية وتدرج في عمله حتى أصبح مدير عاماً للزكاة والدخل وكان مخلصاً في عمله محبوباً من رؤسائه ومن زملائه خصوصاً سمو وزير المالية والاقتصاد الوطني الأمير مساعد بن عبد الرحمن – رحمه الله تعالى – ثم اختير وكيلاً لوزارة الحج والاوقاف شئون الاوقاف وكان وزيرها في التسعينات هجرية من القرن الماضي معالي السيد حسن محمد كتبي – رحمه الله تعالى – وظل فيها لأكثر من عشر سنوات وابلى في عمله في الأوقاف بلاء حسناً وكانت خدمات شئون الحرمين الشريفين والمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف تابعة آنذاك لوزارة الحج والاوقاف وكانت له – رحمه الله تعالى – جهود موفقه في الحفاظ على الاوقاف وصيانتها وتنمية مواردها وهي بلا شك أمانة عظيمة أقامه الله تعالى فيها ليخدم المرفق الذي يعمل فيه مبتغياً بذلك وجه الله والدار الآخرة. وأبو خالد – رحمه الله – كان حريصاً على الجودة والاتقان في أداء كافة شئون حياته. لقد كنت أراه – رحمه الله – يتردد على مسجد الخيف بمنى وهو البناء الحالي والذي مر عليه نحو ثلاثين عاماً للتأكد من سلامة أداء المقاول لعمله مع وجود وكالة للمشاريع في الوزارة ومكانها الامانة والاختصاص والتفاني في أداء الواجب حتى يكون الانجاز فيه الاتقان والجودة وليتم تعويد العاملين في الصف الذي بعده على أهمية قيام المسئول بمتابعة مسئولياته (ميدانيا) ثم صدر التوجيه الكريم بانتقاله للعمل في الاشراف على الشئون المالية والادارية برابطة العالم الإسلامي وأصبح أميناً عاماً مساعداً للرابطة للشئون المالية والإدارية وهنا تزامنا في ميدان خدمة رابطة العالم الإسلامي واهدافها النبيلة وسافرنا إلى الخارج بتكليف من معالي أمين عام الرابطة آنذاك د.عبد عمر الله نصيف – أمد الله في عمرة وألبسه ثوب العافية - . فكم رافقته ورافقت معالي الشيخ محمد العبودي الأمين العام المساعد للرابطة آنذاك – أمد الله في عمره – ومن الرحلات العملية النافعة مع الشيخ محمد العبودي والسيد أمين عطاس رحلات إلى بلاد آسيا الوسطى الاتحاد الشرقي سابقاً والمساهمة في ترميم عدد من المساجد التاريخية التي مضى على بنائها أكثر من سبعمائة عام وكانت قد تحولت من المعهد الشيوعي إلى مستودعات للتخزين وبعد سقوط الشيوعية تم اعادتها للسكان لترجع لها سيرتها الأولى ويؤدي فيها الصلوات المكتوبة وكانت المملكة العربية السعودية ورابطة العالم الإسلامي سباقة لمساعدتهم والتجاوب من التماساتهم في العديد من البرامج التعليمية وخصوصاً وأن عدداً من تلك المساجد كانت تحفة معمارية وشواهد تاريخية على جودة البناء وكيف أن عوامل التعرية لم تؤثر فيه وفي الاسفار يتم التعرف على العديد من الجوانب الانسانية فيمن تسافر معه، فكان السيد أمين – رحمه الله تعالى – حلو الشمائل كريم النفس تأنس للحديث معه يقول فضيلة د. إبراهيم أبو عباة عضو مجلس الشوري الحالي:" لقد رافقت السيد أمين عطاس في العديد من السفريات للخارج فما وجدت منه إلا النبل ومكارم الاخلاق والإخلاص" . وعندما تم اختيار معالي د. عبد الله عمر نصيف أميناً عاماً لرابطة العالم الإسلامي قال فضيلة الشيخ الشعراوي – رحمه الله تعالى – لمعالي د. نصيف أثناء زيارة تفقدية بمكتب الرابطة في لندن ولقاءه بالشيخ الشعراوي – رحمه الله – (يا عبد الله أسأل الله لك التوفيق في عملك الجديد برابطة العالم الإسلامي ولك تهنئة خاصة مني بأن يكون السيد أمين عطاس مساعدك في الشئون المالية وفي الضبط والربط للأمور المالية) . كانت هناك مودة عجيبة بين المرحوم الشيخ محمد متولي الشعراوي والمرحوم السيد أمين عطاس فكان إذا جاء فضيلته بمكةالمكرمة يقيم له السيد أمين عطاس حفل استقبال في داره في النزهة يحضره معالي الشيخ الدكتور محمد السالم عضو مجلس الشورى الأسبق – رحمه الله – والشيخ عبد الله كامل – رحمه الله تعالى – ود.محمد عبده يماني وغيرهم من محبي الشيخ الشعراوي ويتحول الاحتفاء بقدوم الشعراوي إلى ندوة علمية ولقاء مفتوح متجدد في دار أبي خالد. وتكررت هذه اللقاءات فيما بعد لأكثر من عشر مرات حضر بعضها معالي د.عبد العزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام عندما كان يعمل في وزارة الخارجية. يعتبر المرحوم المؤسس الحقيقي لجمعية البر بمكةالمكرمة وأوائل المتبرعين لها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ومعالي الشيخ عبد الله عريف – رحمه الله - . ومن شيوخه: السيد اسحاق عزوز – مدير عام مدارس الفلاح ، الشيخ / محمد متولي الشعراوي ، الشيخ / محمد نور سنيف ، السيد علوي محمد المالي ، الشيخ / العربي التباني ، الشيخ / أنعم ناصر ، رحمهم الله أجمعين. لقد أبلي السيد أمين بلاء حسناً في كل المهام التي أوكلت اليه ولا يمكن في هذه العجلة أن نفي الرجل حقه ولكن نسأل الله تعالى أن ينزله منازل الابرار والصديقين والشهداء والصالحين وأن يبارك في أبنائه د.خالد ، محمد ، وعمار ، وحسان وفي السيدة منى وفي والدتهم أم خالد التي تفانت في خدمته طوال حياته والعزاء لكافة محبيه، (إنا لله وإنا إليه راجعون) . مكةالمكرمة 22 /7/ 1435ه