لم تكن معرفتي بالاستاذ خالد الحسيني مجرد معرفة عادية من خلال لقاءات خاطفة . لقد عرفتُ خالد الحسيني عام 1392ه طالبا مميزاً عندما كنت معلماً بمعهد اعداد المعلمين الثانوي بمكةالمكرمة الذي تشرفت بالتدريس فيه لمدة ثلاث سنوات : 92 - 1393 / 94 - 1395ه. كان طالباً في السنة النهائية فيه وكنت ادرس لهم مادتي التربية وعلم النفس رأيت فيه طالباً بارزاً وحيوياً ليس على مستوى الدراسة ونشاطاتها التعليمية فقط انما تجاوز ذلك الى المستويات الاجتماعية والفكرية والميول الصحفية وكان يتمتع بقدرات طبيعية "فطرية" الذي كان العلاقات الاجتماعية الحميمية مع زملائه الطلاب وكذلك المعلمين "وطنيين ومتعاقدين" الذين كان يحتل مكانة خاصة في نفوسهم دون غيره من الطلاب (كما احسب) حيث كان طالباً يتميز بتحرك مفعم بالنشاط والحيوية والخوض في انشطة جميع المواد الدراسية بالسؤال والنقاش والمساهمة الفاعلة في نشاطات المواد ما جعله يستحوذ على اهتمام المعلمين الذين كانوا يشيدون به. كنت مذ ذلك الوقت ارى في ملامحه وتحركاته ما يشير الى توقعات مشرقة ومستقبل باهر وكانت له تطلعات طموحة خاصة في المجال الصحفي الادبي والفكري الذي كان يحتل جزءاً واضحاً من ميوله الحيوية التي كان يشارك بها في الانشطة العامة في المعهد. وتمر الايام بل والسنون حيث غادرت المعهد عام 95 / 1396ه موفدا في بعثة تدريسية الى اليمن الشقيق معلما بمعهد المعلمين بصنعاء لمدة ثلاث سنوات وابتعث في عام 97 / 1398ه الى الولاياتالمتحدةالامريكية للحصول على درجة الماجستير في المجال التربوي لمدة ثلاث سنوات اخرى عدت بعد حصولي عليها لاعين رئيساً لقسم توجيه وارشادهم الذي قمت بتأسيسه في ادارة التعليم بمكةالمكرمة عام 03 / 1404ه. فوجئت بالاستاذ خالد الحسيني مديرا لمدرسة الملك خالد الابتدائية فاستشعرت صدق حدسي لما تنبأت له بمستقبل مشرق حيث اثبت وجوده في العمل التربوي ليصبح مديراً لمدرسة في فترة وجيزة جداً بالنسبة لغيره من المعلمين الذين سبقوه في التخرج والتعيين. أثبت الاستاذ خالد الحسيني قدرته كمدير لمدرسة مميزة هي مدرسة الملك خالد فنياً وادارياً مع ان مبنى المدرسة كان مستأجراً ولم يكن مهيأ مدرسة ولكن بجهود شخصية وتعاونية استطاع ان يجعل منه مجرسة يشاد بها في الوسط التربوي والاجتماعي وكذلك الحال بعد انتقال المدرسة الى المبنى الحكومي القديم الذي كانت تشغله مدرسة عثمان بن عفان الابتدائية حيث استطاع تجهيزه بكل ما تحتاجه المدرسة من تجهيز وتطوير وتوفير وسائل متقدمة ومكتبة ومقصف ... الخ وتم افتتاحه بتاريخ 2 ، 4 ، 1415ه بحضور عدد من المسؤولين من الوسط التربوي والاجتماعي وبعد كل هذه الجهود في تهيئة مدرسة الملك خالد وابرازها كأفضل مدرسة ابتدائية بالعاصمة المقدسة يأتي قرار نقله مديراً للمدرسة الرحمانية الابتدائية بحسب توجيه معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد الرشيد - يرحمه الله - بأهمية تغيير مواقع مديري المدارس الذين امضوا اكثر من عشر سنوات ونقلهم الى مدارس اخرى تحقيقاً للمصلحة العامة وكعادة الاستاذ خالد في نفض الغبار واعادة الترتيب واضفاء لمسات التطوير التألق في السمة العامة للمدرسة تمكن في فترة وجيزة ان يجعلها مناراً علمياً يُشار اليه بالبنان ومقصداً للزيارات سواءً من المسؤولين في وزارة التربية والتعليم تاو المسؤولين والاعيان من قطاعات اخرى. كان تأسيس المدرسة الرحمانية عام 1326 ه على يد مؤسسها الشيخ محمد حسين خياط - يرحمه الله - بالمسعى وعرفت وقتذاك بالمدرسة "الخياطية" كما ورد في كتاب تاريخ مكةالمكرمة للشيخ احمد السباعي - يرحمه الله - وغيره من الكتب التاريخية وتغير اسمها الى المدرسة الخيرية التحضيرية الهاتشمية في عام 1330ه وفي عام 1345ه تغير اسمها الى المدرسة الرحمانية عند زيارة الملك عبدالعزيز لهتا فاطلق عليها اسم والده عبدالرحمن فتغير بذلك اسمها على الرحمانية الابتدائية. ومن جملة ما اهتم به الاستاذ خالد في مدرسته الرحمانية توثيق مسيرتها التربوية في كتاب اصدره في شعبان 1420ه تضمن كامل المسيرة التربوية الكبيرة للمدرسة واسماء اشهر الدارسين والمتخرجين منها التقط بعضا منها على سبيل المصثال لا الحصر هم: محمد سلارور الصبان - عبدالله عبدالغني خياط - احمد جمال - د. غازي عبيد مدني - د. نزار عبيد مدني - احمد السباعي - خالد نحاس - عبدالله عريف - احمد عبدالغفور عطار - د. عبدالعزيز خوجة - د. جميل خوقير - د. عبدالرحمن طه بخش - محمد سعيد طيب - د. عبدالحليم رضوي - عبدالله الجفري - د. احمد عبدالجبار - د. محسون جلال - علوي تونسي - الفريق هاشم عبدالرحمن - اللواء هاشم عنقاوي - عمر قاضي - د. هاشم حريري - صالح اميه - عبدالله ابوالسمح - د. حسين الجزائري - احمد مطوع. وبذلك تصبح المدرسة الرحمانية بمثابة العرش التربوي الذي تربع عليه مديرها الاستاذ خالد الحسيني يحوي افضل التجهيزان والوسائل التطويرية ومعامل اللغة والعلم والقرآن الكرين وتستقطب المعلميني وتكون محط انظار المسؤولين واولياء الامور ومنظور أولياء امور الطلاب المستجدين. بدأ تعاملي مع الاستاذ خالد الحسيني كزميل عمل في الميدان التربوي فقد كان من أبرز المتعاونين معي في تأسيس عمل التوجيه والارشاد الذي لم يكن موجوداً أصلا في المدارس من قبل ولم يكن تعاونه على مستوى مدرسته فقط انما وضع يده بيدي على مستوى ادارة التعليم ابضا حيث شكلت فريق عمل يقف بجانبي ويساعدني في ابراز عذا العمل الجديد على المدارس والطلاب وتعميمه في جميع المدارس كان الاستاذ خالد الحسيني ابرز اعضاء هذا الفريق. وتستمر زمالة الاستاذ خالد ومساندته لي خلال فترة عملي كرئيس لقسم توجيه الطلاب وارشادهم لمدة خمس سنوات حتى عام 1407ه انتقلت بعدها كمدير لادارة النشاط الطلابي عام 07 / 1408ه وكان الاستاذ خالد ذراعاً قويا وسنداً مباشراً لي ضمن عدد من المديرين والمعلمين في تنفيذ البرامج والمهرجانات التي تفردت بها مكةالمكرمة عن غيرها من المناطق والمحافظات حيث تم تنفيذ اول مهرجان للطفل على مستوى المملكة عام 1407ه وكان مهرجاناً مميزاً ومشهوداً حظي بالاشادة من الوزارة والمجتمع تم تنفيذه برعاية امير منطقة مكةالمكرمة آنذاك صاحب السمو الملكي الامير ماجد بن عبدالعزيز يرحمه الله. ويستمر تعاون الاستاذ خالد الحسيني في تنفيذ جميع برامج وانشطة ومهرجانات الادارة الى ان تركت العمل في ادارة النشاط الطلابي بتقاعدي النظامي في شهر رجب عام 1425ه ويلحقني الزميل خالد بتقاعده المبكر في شهر ذو الحجة من نفس العام 1425ه. سعدت كثيراً بكتاب الاستاذ خالد الحسيني "حياة في الصحافة والتربية" الذي تكرم باهدائي نسخة منه وشغفت لتصفح اوراقه وكنت اتطلع بان ارى في كتابه هذا الكثير من صولاته وخبراته في المجال التربوي معلماً ومديراً وناشطاً في جميع برامجه وانشطته التربوية التي كانت محل لااشادة واعجاب المسؤولين ابتداء من وزارة التربية والتعليم مرورا بالمسؤولين في الدارة التعليم بمكةالمكرمة وانتهاءًبالزملاء في المدارس لكني فوجئت غيري من العاملين في الوسط التربوي الذي تميز فيه الاستاذ خالد ان المجال التروبوي لم يحظ باضاءات كافية في كتابه تبين جهوده وقدراته وعطاءاته في هذا المجال. فقد كان لمعشوقته "صاحبة الجلالة" النصيب الأوفي والاشراقة الأكمل وقد كانت الصحافة ولا تزال في بؤرة اهتمام الاستاذ خالد الذي احسبه نذر نفسه لها فهي محط اهتماماته كمعشوقة منذ بداياته في المرحلة لاابتدائية كما ذكر في كتابه ابهرت كثيراً وانا اتصفح اولى ورقات الكتاب "حياة في الصحافة والتربية" فهو - كما نرى - قدم معشوقته في العنوان على مجاله التربوي وتكشف لي هذا الجانب المبهر الذي كنت اجهله تماماً في اهتماماته ولم اعرف عنه غير الميول التي لمحتها في عينيه والتحركات التي كنت اراها في صدره لاخبار المعهد ومجالات الانشطة ونشرها في الصحف وهو طالب لدي بمعهد المعلمين. ومن ابرز ما بهرني في بداياته الصحفية .. رحلته الى محافظة الباحة لتغطية زيارة ولي العهد "وقتذاك" الامير فهد بن عبدالعزيز .. خادم الحرمين الشريفين بعدئذ يرحمه الله وكان ذلك لتغطية زيارة سمو ولي العهد الامير فهد بن عبدالعزيز ومع انه كان في بداياته الصحفية يجهل الكثير من ابجديات العمل الصحفي ناهيك عن تغطية زيارة لاكبر مسؤول في الدولة بعد جلالة الملك فقد كان طموحه كبيراً وقدراته متحفزة حيث تمكن ان يجري لقاء مع معالي امير الباحة الشيخ ابراهيم ال ابراهيم في نفس الليلة التي وصل فيها الى الباحة - كسبق صحفي لم يكن في الحسبان - وواجه في ذلك معاناة في ارسال التحقيق الصحفي الى الجريدة لنشره لعدم وجود وسائل التواصل الحديثة مثل الفاكس او النت .. الخ فلم يمنعه ذلك من البحث عن الوسيلة حيث استطاع ارسال التحقيق في نفس الليلة مع سائق وانيت تحمل "الحطب" الى مكةالمكرمة فهو في الحقيقة اجتهاد يحسب له. توفق في تغطية اخبار زيارة سمو ولي العهد وارسالها للجريدة عن طريق الاملاء التليفوني كهدف اساسي لرحلته للباحة ، اضافة الى اجراء بعض لقاءات مع المسؤولين المرافق لسموه لاستطلاع انطباعاتهم وكانت فرصة ذهبية للاستاذ خالد لتقديم نفسه للمسؤولين من الوزارة والتعرف عليهم. ومن اشد ما راقني واعجبني في مشوار الاستاذ الخالد الصحفي وقدرته على اقتناص الفرص وخلقها في كثير من الاحيان مثل توفيقه في اجراء حديث مع احد رواد التربية والتعليم في البلادج المعمورين الذي يجهلهم الكثير في اوساط التربية والتعليم وهو المربي الفاشل الشيخ عبدالله خوجة يرحمعه اللهخ كرائد اول من رواد التربية والتعليم في مكةالمكرمة ومؤسس مدارس النجاح الليلية بمكةالمكرمة ومؤسس اول فرقة كشفية في المملكة تميزت بأهازيجها الوطنية "نحن كشاف العرب .. خير زخر للبلد". وكذلك لأحداث الحرم المكي الشريف عام 1400ه فرصة تحول لحياة الاستاذ خالد الصحفية - كما اشار في الكتاب - فقد كان حدثاً غير عادي ومحاطاً باجراءات امنية مكثفة تعيق الحصول على اي اخبار او التقاط صور لما يجري مع ذلك نوفق في الكثير من الاعمال التي انفردت بها صحيفة البلاد، من ضمنها اجراءات لقاءات مع الشيخ محمد السبيل "امام يوم الحادثة" وكذلك شيخ المؤذنين عبدالملك ملا - يرحمه الله - والمؤذن الشيخ عبدالحفيظ خوج - يرحمه الله - كأفراد عيان لذلك الحدث المشؤوم وكذلك اللقاء الذي اجراه مع سمو الامير فواز بن عبدالعزيز امير منطقة مكةالمكرمة وقتذاك. ومن اجتهادات الاستاذ خالد في قنص السبق الصحفي اجتهاده في الحصول على اول لائحة للمعلمين التي يعد بها المعلمون لما حققته لهم من نقلة عظيمة في مستويات الرواتب. ولعل من ابلغ ما تميز به كتاب الاستاذ خالد "حياة في الصحافة والتربية" توثيق جميع الاحداث والمواقف والمناسبات والفعاليات بالصور التي احتفظ بها لكل حدث وفعالية ومتلأ بها الكتاب. مع بالغ تمنياتي للاستاذ خالد الحسيني بالتوفيق وسداد الخطى في مستقبل حياته. محسن عبدالرحمن بهادر تربوي - رئيس النشاط الطلابي في منطقة مكة التعليمية سابقا