في الجلسة الثانية التي رأسها معالي الدكتور ساعد العرابي الحارثي مستشار سمو وزير الداخلية، ركّزت أبحاث المشاركين على مراجعة وتقويم عدد من البرامج الموجّهة لمعالجة الإرهاب في محاولة لتطوير تلك التجارب مثل التجربة الماليزية في هذا المجال، وتجربة المملكة في حملة السكينة لتعزيز الوسطية، وتقويم قواعد الاتفاقيات الدولية واستراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، ودور الداعيات في وزارة الأوقاف، وأثر منهج التاريخ في المرحلة الثانوية والأنشطة اللاصفية في معالجة الظاهرة. حيث استعرض معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد زين المستشار الديني لرئيس وزراء ماليزيا في بحثه الذي قدّمه في المؤتمر بعنوان (منهج الوسطية في مواجهة الحركات والجماعات الإرهابيَّة - خبرة ماليزيا) تجربة بلاده في مواجهة الجماعات الإرهابية. ووضَّح الباحث أنَّ حكومة ماليزيا تعاملت مع الجماعات المتورطة في الإرهاب بتحفظ وحذر شديدين؛ ونالت تأييدا ودعما واسعا من المسلمين وغيرهم من الشعب الماليزي. ولم تحتج ولم تلجأ إلى مساعدات خارجية أو تدخل أي جهة معينة؛ لأنها كانت قادرة على حل هذه القضية بنفسها. وقال إن تعامل ماليزيا مع الأعمال الإرهابية ليس فقط للقضاء عليها وعلى من قاموا بها . بل وضع الخطط لتصحيح مفاهيم وأفكار من لديهم ميول إرهابية لإزالة الغموض أو اللبس أو الأفكار الدخيلة عليهم أخذًا بمبدأ الوقاية خير من العلاج . ويشمل ذلك توعية العامة بتعريف الإرهاب وكيفية تحول الإنسان وتطرفه حتى يقع في حبائل الإرهاب. وذلك ليكون كل فرد في المجتمع قادرا على التمييز ويستطيع محاربة هذا الفكر بنفسه. والمحاربة لا تعني فقط القتال المباشر للإرهابيين بل تشمل أيضا كسب قلوبهم وعقولهم والسيطرة عليها ومقارعتهم بالحجج الدامغة. وهذا يعمل على كسر حدة التأثر والإعجاب بتلك العمليات الإرهابية بالنسبة للذين لا يمتلكون وسائل غيرها لإصلاح معاناتهم المعيشية. وفي نهاية البحث ذَكَرَ الباحث الكريم أنَّ نجاح التجربة الماليزية في مواجهة الإرهاب والتطرف هي حصاد تمسكها وتطبيقها لمبدأ الوسطية منذ أكد دستورها الأول على ذلك بنصه على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي مع السماح لأصحاب الديانات الأخرى بحرية إقامة شعائرهم في أي جزء من أرض ماليزيا. هذا بجانب إقرار الحكومة لخطة دمج القيم والتعاليم الإسلامية في سياسات الدولة الداخلية والخارجية وخاصة خطط التنمية.