صاحب الخلق الجميل لا يعرف التلوّن ولا الأقنعة لهذا لا يستثني من حسباته كائنًا من كان فهو يتعامل مع الضعيف كما يتعامل القوي، ومع الغني كما الفقير، والقريب عنده كالغريب. همه الذي يؤرق باله كيف يخدم الناس ويغسل عن صدورهم ماتعالى عليها من هم وكدر، وهذا هو وجه الأخوّة الإنسانية الحق، وقد تجلت في اللفتة الكريمة السابقة من الشعراء والشاعرات تجاه "ابن الذيب" التي تنم عن وعي بالشراكة الحقيقية في المصير، وتؤلف بين القلوب، وتبني أخوّة لا لبس فيها على الرغم أنها أخوّة بلا قرابة أو حتى رضاعة. أخوّة اكتفى فيها الجميع من الجميع بأخوّة الأدب الذي جمعهم على الهم، وقرابة الشعور، وهو الذخيرة التي يتقاسمها الملوك أي "الشعراء" في وطن الشعر. صحيح أن "ابن الذيب" مابرح السجن وفشلت محاولات الملوك، وشفاعتهم لم تجدي لكن الجهد المبذول حينها من الصعب انكاره لأنه يعد شكلًا من أشكال الحراك الثقافي وسيؤرخ بالبياض في صفحات التأريخ حتى لو تم التقليل من أثره بوضعه تحت عنوان عابرٍ أجوف ك "حدث في مثل هذا اليوم". وبكل سرور ومن الطبيعي أن عدد ليس بالبسيط من الشعراء في السعودية شاركوا في هذه الحملة، لكن الغريب أن هذه الحملة كأنها حكرًا على "ابن الذيب" فما رأينا الملوك شفعوا أو حاولوا الصعود بأصوتهم إلى أصحاب القرار في قضايا أقل حجمًا من قضية "ابن الذيب" تخص أبناء الوطن كقضية الشاعر المريض، أو الشاعر المديون، أو الشاعر المسجون. أوالدعم المعنوي لن أقول المادي لمجلة غمرها الإفلاس وصاحبها كان في حياته صاحبهم ومن خلال مجلته كتبوا وظهروا ونافسوا!. فالأقربون أولى بالمعروف، والوطن بحاجة أن يشعر أن أبناؤه على اختلافهم يجمعهم الهم ويوحد شعورهم فالوطن يحس ويشعر وله مقياس دقيق لقياس اللُحمة بين أفراده. في الخلق الجميل يقول أبو تمام: رأيتُ الحرَّ يجتنبُ المخازي ويَحْمِيهِ عنِ الغَدْرِ الوَفاءُ وما مِنْ شِدَّة إلاَّ سَيأْتي لَها مِنْ بعدِ شِدَّتها رَخاءُ