ففي عصرنا الحالي فقد الناس التعاطف مع بعضهم البعض فأصبح الناس لايشعرون ببعضهم ولا يقدرون مايمرون به من حولهم ..رغم أن هناك الكثير من القصص التي كنت اسمع عنها كثيراً في الماضي والتي تصف كيف كان مدى الترابط والتراحم بين الناس ومدى الأخوة والرابط القوي الذي كان يربط الجيران فيما بينهم..فكنت أسمع عندما تطلق فتاة بإحدى المنازل وتكون هناك مناسبة فرح من قوة الترابط والتعاطف تجد أن الجيران المجاورين للمنزل الذي طلقت به الفتاة يرفضون بشدة الحضور للفرح..وحتى عندما يتم دعوتهم يقولون (كيف لنا أن نذهب وجيراننا يمرون بمحنة عصيبة) وهي طلاق إبنتهم..هذه قصة من القصص التي تدل على مدى التعاطف والترابط القوي الذي كان موجودا بين الجيران والأرحام..أما الآن للأسف أصبحنا لا نشعر بالآخرين... ومن القصص التي أصبحنا نسمعها الآن عندما تطلق إمرأة يتم نبذها من الجميع والغريب أن صديقاتها اللاتي كن يرافقنها وهي متزوجة بعد طلاقها يقمن بالهروب منها وعدم التكلم معها خوفاً على أزواجهن منها..وتجد من حولها يقومون بإنتقادها ولا يبالون بمشاعرها..فتجدهم يحضرون الأفراح والمناسبات ولا يبالون بموقف طلاقها..والأمر لايقتصر على حالات الطلاق فقط ولكن للأسف حتى في العزاء لاتجد الجيران والأرحام يقدرون مشاعر أهل المتوفي أو المتوفية.. ففي إحدى المرات كنت جالسة في (عزاء) وكانت المتوفية امرأة كبيرة في السن وكانت بناتها وحفيداتها في شدة حزنهن على فراقها..وكن يضعن مسجلا بداخله شريط قرآن لكي يسمع الناس القرآن ولكن ما كان حاصلا هو أن النساء كُن جالسات يتحدثن مع بعضهن البعض وكأنهن أتين للعزاء من أجل الحديث .. ومن النساء اللاتي لم يشاهدن بعضهن منذ مدة طويلة فيقمن بإستبدال السلام وكل واحدة منهن تقوم بالتحدث مع الثانية وتتبادل الضحك وأخذ أرقام هواتف بعضهن ..المهم:أنهن لم يبالين يومها بمشاعر بناتها وحفيداتها لدرجة أن واحدة منأهل المتوفية قامت برفع صوت القرآن لعل وعسى أن النساء يصمتن قليلاً..ولكن دون جدوى بعد دقيقة واحدة كل واحدة منهن رجعت تتكلم لتكمل الحديث مع التي بجانبها..يومها رأيت مدى إستياء أهل المتوفية وحزنهم على أن الكثير من النسوة الحضور لم يقدرن مشاعرهم وحضرن إلى العزاء كأنهن ليتحدثن ويتعارفن بدلاً من أن يقمن بالدعاء للميتة رحمة الله عليها وللأسف تتكرر مثل هذه المواقف كثيراً ..وهذا يدل الفرق الشاسع بين الماضي والحاضر..وكيف كان الناس بالماضي يتعاطفون مع بعضهم ويشعرون بحزن بعضهم ..لدرجة أنه كان في العزاء تجد جميع الحاضرين من النساء يقومون بالدعاء للميت ومواساة أهل المتوفي أو المتوفية.. وأخيراً أقول : (للأشخاص الذين لا يتعاطفون مع الآخرين ولايقدرون مشاعرهم (عامل الناس كما تحب أن يعاملوك).