(1) منظمة (مراسلون بلا حدود) لم تكن منصفة، وهي تضع السعودية في المرتبة 158 عالمياً وال13 عربياً (صحيفة سبق 26 يناير 2012) ومن العلامات الدامغة على عدم انصاف هذه المنظمة انني خلال زيارتي مؤخرا لبلد عربي قريب منا جاء ترتيبه متقدماً كثيراً عن السعودية حسب تصنيف هذه المنظمة.. اقول انني كنت اتصفح وانا ازور ذلك البلد 4 صحف يومياً، فلم اجد فيها ربع ما تحتوي عليه الصحافة السعودية وحتى الاذاعة المحلية من نقد مستمر ومتواصل لاداء معظم الجهات الرسمية، ومنها جهات تتبع لوزارة الداخلية مثل ادارتي المرور والجوازات. (2) ويظل من المعيب حقاً ان تقوم منظمة أممية مثل هذه التي تسمي نفسها (مراسلون بلا حدود) ومقرها باريس، وتملك مكاتب اقليمية وحوالى 150 مراسلاً موزعون على القارات الخمس، اقول يظل من المعيب ان يكون تصنيفها عشوائياً، وغير منصف الى هذه الدرجة التي نراها ونلمسها بعقولنا وعيوننا، وكأن هذه المنظمة تستغفلنا أو ترانا سذجاً لا نعرف موقع أقدامنا. (3) نعم.. الطموح عندنا ان يرتفع سقف حرية الكلمة الى مستويات اعلى، لكن هذا الارتفاع لا يمكن ان يكون كبيراً جداً، والا فانه سيكون ضاراً، فثمة حالة تشابه بين حرية الصحافة والكلمة وبين الدواء، اذ لا يمكنك ان تتناول دواءك في جرعة واحدة والا فانك ستتضرر، وانا ممن يؤمن بالتدرج في رفع سقف حرية الكلمة، في تناسب يتناغم مع الوعي العام، ولو قارنا ما عليه حرية الكلمة في السعودية قبل 20 عاماً من الآن، وما عليه حال الكلمة اليوم لوجدنا الفارق كبيراً جداً، وقد كان للملك عبدالله دور محوري مهم في هذا الجانب، واتذكر - وأنا من ابناء المهنة - اننا في اول يومين بعد كارثة سيول جدة كنا نرى المعالجات الصحفية عندنا خجولة، حتى جاءت كلمة الملك عبدالله المتلفزة، والجريئة والصادقة، لتفتح الباب حينها امام سقف حرية الكلمة المنضبطة لان ترتفع درجات كثيرة في غضون ايام قليلة. (4) ولعل الاعلام السعودي قد وصل الى درجة جيدة من النضج، ان كان على مستوى التفكير، او الاداء المهني، او حرفية العمل وشكله ومضمونه، وادراك ويؤمن معظم العاملين في الاعلام السعودي بأن الحرية الصحفية والاعلامية لا تعني نشر الصور الخادشة، ولا التلويح والتصريح ب"شتم" الآخرين، ولا بالانتقاص من الشخوص وقذف الآخر، وانما الحرية هي في نقد عمل الاشخاص، والمؤسسات الرسمية والاهلية، والتماهي مع طموحات الادارة العليا في البلاد على نحو يعزز الشفافية وينقل الصورة من الواقع كما هي، ويطرح الحلول والمعالجات. (5) نحن لا يهمنا تصنيف (مراسلون بلا حدود) ونحسب انه قريب من المثل العربي (وراء الأكمة ما وراءها) وان كنا نتمنى ان يكون منصفاً ومنطقياً حتى نحترمه، ويظل المهم بالنسبة لنا ان نواصل كإعلام سعودي تماهينا مع قضايانا المحلية بما تمليه علينا الامانة، من نقد منضبط، ينقل الواقع كما هو، ويواصل طرح الحلول ضمن مسيرتنا التنموية المباركة.