قدر المثقف لعب دورٍ رياديٍ في بناء مجتمعه من خلال الرؤى التي يحملها والقيم الإنسانيّة التي يملكها،فهو المحارب الذي لا يملك أي نوع من الأسلحة عدا سلاح العلم والنور الذي ينبثق من رحم العلم ويخافه الجهلة.فمن غير المثقف قادر على تسليط الضوء على مشاكل مجتمعه كالفقر، والجهل، والفساد حتى يراها المسؤول؟!. أحيانا كثيرة لا يقف دور المثقف على تسليط الضوء على المشكلة بل قد يكون هو مفتاح الحل لها من خلال نضجه وخبرته المتراكمة وحسه اليقظ لكل مايؤرق مجتمعه وينأى به عن مسار التنمية واستلاب الوعي. لهذا ينشط دور المثقف في الأزمة ويبدأ باستدعاء ما أعد لها من قوة فكريّة تحول بينه وبين جره إلى حرب ضروس قد تنزلق فيها قدمه وينزلق معه من يؤمن بفكره التنويري،وربط جاشه. والمثقف لا يستطيع ممارسة هذا الدور المأمول إلا بامتلاكه مع الفكر النير حرية غير مستعبده لا بأهوائه ولا بأهواء قيم ماأنزل الله بها من سلطان تقيّده بدلاً من أن تطلقه . إن السطور السابقة لا تعني أن على المثقف أن يكون البطل الهمام بقدر ماتعني أن عليه أن يكون على قدر الثقافة التي قضى عمره يتسلح بها فمنحته من المفترض عمقًا معرفيًّا ومنهجيًّا مكّنه من مواجهة عواطف الجماهير، وعواصف الأزمات بحكمة كما يقول محمد إقبال: نير الفكر يقود العملا مثل رعد بعد برق جلجلا وللأسف بقصد أو بدون قصد قد يحيد أحيانًا المثقف فتراه ينحرف بفكره ووعيه فيساهم في صناعة الأزمة ويقبع تحت ضلالها وظلالها من خلال تفريغ عقول المجتمع من الحكمة والتؤدة ليملأها بزخرف الخرافات،ويشحن صدورهم بالغل والحقد..كيف؟!. الشاعر والكاتب ركنا الثقافة ولهما القدرة على تحريك الجماهير والتأثير فيها،لكن ما كل كاتب أو شاعر يستطيع أن يتخذ موقفًا سياسيًا لأنه في الغالب غير مدرك لدهاليز السياسة،وغير مطلع على أبعادها خصوصًا التي ليس لها منعطفًا إنسانيًا فيقع في خطأ اقصاء شعب وتقريب آخر بناء على أيدلوجية هو لايفقه فيها،في حين كان من المفترض منه ومن غيره من المثقفين إدراك أن: الثقافة والأدب تجمع الشعوب وتوحّدهم في ذات الوقت الذي تحاول السياسة تفريقهم، فالأدب والثقافة الطاولة المستديرة التي تجتمع عليها الشعوب بكافة أطيافها.