جدة - شاكر عبدالعزيز - تصوير - خالد الرشيد بدعوة من الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الأستاذ إياد أمين مدني استضافت منظمة التعاون الإسلامي الاجتماع الأول للفريق الاستشاري الإسلامي العالمي المعني باستئصال شلل الأطفال بحضور مجموعة من كبار العلماء المسلمين في الدول الإسلامية الأعضاء في المنظمة.وقد استمر اللقاء لمدة يومين واصدر العديد من القرارات والتوصيات المهمة حول هذا الموضوع. إعلان الأزهر - للتضامن مع أطفال الأمة: وقد اصدر فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب اعلانا حول شلل الأطفال في الدول الإسلامية قال فيه: إذ ندرك ان حماية اطفال الامة الاسلامية مسؤولية مشتركة بالنسبة لنا جميعا وان حماية اطفالنا هي واجب ملزم لنا كمسلمين. واذ ندرك ان قوة الامة الاسلامية ومستقبلها مرهونان بحماية اطفالها وضمان كافة حقوقهم ومنها الحق في الصحة. واذ نلاحظ بقلق يبعث على الأسى العنف والقتل تجاه العاملين الصحيين في كل من باكستان ونيجيريا بما ينكر الحق الأساسي لأطفال المسلمين في تلقي التطعيم والحماية من داء شلل الأطفال المعقد. فاننا نحث جميع الآباء والأمهات والمجتمعات المحلية على ضمان تلقي الاطفال اللقاح المضاد لشلل الاطفال الذي يقدم في جميع حملات التطعيم. وندعو جميع علماء الدين الاسلامي وقادة المجتمعات المحلية والمهنيين الصحيين الى توجيه رسالة قوية لدعم انشطة استئصال شلل الاطفال والتأكيد على ضرورة تمنيع جميع الاطفال تمنيعاً تاما ضد شلل الاطفال وضد كل الامراض التي يمكن توقيها باللقاحات. ندين بأشد عبارات الادانة جميع اشكال العنف الذي يمارس ضد العاملين الصحيين القائمين بتطعيم الاطفال ونعرب عن التقدير والامتنان للعاملين الصحيين وللمسؤولين في وزارات الصحة وعلماء الدين في المجتمعات المحلية والمجتمع المدني على الجهود المخلصة والدؤوبة التي تبذل من اجل عالم خال من شلل الاطفال. كلمة الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد: وتحدث أمام ملتقى علماء المسلمين معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد رئيس مجمع الفقه الاسلامي الدولي فقال: ايها الاخوة في رحاب منظمة المسلمين نجتمع وبتعاون هادف منها ومن مجمع الفقه الاسلامي الدولي والازهر الشريف والبنك الاسلامي للتنمية مع المكتب الاقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط نتشاور لبحث سبل التعاون والدعم لاستئصال وباء شلل الاطفال. وكما تعلمون ايها الفضلاء فان قضية شلل الاطفال قديمة جديدة وهي وغيرها من قضايا الوقاية تشغل بال الحكومات والمنظمات الدولية والافراد وهي موضع اهتمامها وان اجتماعنا في هذا اليوم دليل ذلك. إن شريعة الاسلام جاءت لتحقق مقاصد عظيمة وغايات سامية فهي دائما وابدا تقرر ما فيه صالح الانسان وان من يمعن النظر في تشريعاتها لن يجد تشريعا فيها يتعارض مع ما فيه مصلحة الانسان وسعادته واستقراره ودفع الضرر عنه كما ان اجتهادات علماء المسلمين هدفها جلب ما فيه صالح الانسان ودفع الضر عنه فشريعتنا لم تحل شيئا للانسان الا لما فيه من منفعة او مصلحة ولم تحرمه عليه الا لما يلحقه به من ضرر او مفسدة قال الله تعالى : (يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) وقال تعالى : (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقال تعالى:(ما يريد الله ليجعل عليكم من خرج) وقال صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار). أيها العلماء تعلمون ان من اهم مقاصد شريعتنا وما هو محل عنايتها واهتمامها حفظ النوع الانساني وذلك بحفظ النفس وتحريم الاعتداء عليها وعمل كل ما يحميها ويصونها وحفظ العقل بتحريم اسباب غيابه وذهابه وحفظ العرض بتحريم هتكه والاعتداء عليه وحفظ المال الذي به قوام الحياة بمنع اتلافه والاعتداء عليه وضبط كسبه وانفاقه وكل ذلك لا يستقيم الا بحفظ الدين الذي هو مصدر كل فضيلة. كلمة البنك الإسلامي للتنمية: وفي الكلمة التي القاها بهذه المناسبة أكد معالي الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الاسلامي للتنمية أن البنك لن يدخر جهداً للمساهمة في القضاء على الامراض السارية والمعدية والمستعصية في الدول الإعضاء وان البنك يضع في مقدمة اولوياته المساهمة في القضاء على مرض شلل الاطفال وغيره من الامراض تنفيذا لتوصيات بلاغ مكةالمكرمة وبرنامج العمل العشري الصادرين عن القمة الاسلامية الاستثنائية الثالثة التي عقدت في ديسمبر 2005م بمكةالمكرمة لمواجهة تحديات الامة الاسلامية في القرن الحادي والعشرين. واشار في هذا الصدد لقيام البنك في اكتوبر 2012م باعتماد تقديم أكبر تمويل منذ تأسيسه لمشروع في القطاع الصحي والمتمثل في تقديم 227 مليون دولار امريكي لمشروع القضاء على شلل الاطفال في باكستان بالتعاون مع مؤسسة بيل وميليندا غيتس العالمية لتطعيم نحو 34 مليون طفل ممن هم دون سن الخامسة في باكستان عن طريق تناول اللقاح المضاد عن طريق الفم موضحا انه مازالت هناك ثلاث دول فقط في جميع انحاء العالم تعاني من هذا المرض وهي : افغانستانوباكستان ونيجيريا واشار الى انه قد تم في بداية شهر اغسطس الحالي صرف الدفعة الاولى من هذا المبلغ وتبلغ 32.6 مليون دولار امريكي للقائمين على تنفيذ هذا المشروع في منظمة الصحة العالمية. وأضاف:واجه برنامج استئصال مرض شلل الاطفال في باكستان للاسف معوقات وصعوبات خطيرة ادت لتوقفه احيانا في بعض المناطق الباكستانية التي هي في امس الحاجة لتطعيم اطفالها ضد هذا المرض الخطير وذلك نتيجة انتشار بعض المفاهيم الخاطئة والتصورات المغلوطة التي لا اساس لها من الصحة مما ادى لوقوع عدة اعتداءات مؤسفة ضد العاملين في حملات مكافحة شلل الاطفال نتج عنها مقتل واصابة عدد من العاملين في تلك الحملات. كلمة معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي: وقال الاستاذ اياد امين مدني:يطيب لي ويشرفني كثيرا ان ارحب بكم في الاجتماع الاول للفريق الاستشاري الاسلامي المعني بالقضاء على شلل الاطفال واود ان اشيد ايما اشادة بالمبادرة المشتركة لكل من مجمع الفقه الاسلامي الدولي والازهر الشريف وبالدعم القيم المقدم من شركاء آخرين لتنظيم هذا الاجتماع. وينعقد اجتماع اليوم لمناقشة مستقبل اطفالنا وحقهم الاساسي في حياة صحية خالية من الاعاقة بإذن الله وهذا الحق امانة نحملها جميعا في اعناقنا امتثالا لتعاليم ومقاصد ديننا الحنيف وهي امانة توجب علينا مواجهة ما تفرضه من تحديات لعل من ابرزها القضاء بعون الله على شلل الاطفال. فمازال القضاء على هذا المرض يشكل تحديا جسيما لمنظمة التعاون الاسلامي فخمس وتسعين في المائة من حالات شلل الاطفال التي ابلغ عنها عام 2013 سجلت في دول اعضاء في المنظمة كما ان البلدان الثلاثة التي ينتشر فيها وباء شلل الاطفال وعدد محسوس من البلدان التي بدأ المرض في الانتشار فيها مرة اخرى هي دول اعضاء في المنظمة. إلا انني على ثقة من اننا سوف نتمكن بعون الله من تحقيق هدفنا المتمثل في اخلاء منطقة بلدان منظمة التعاون الاسلامي من شلل الاطفال في المستقبل القريب اذ نلحظ ان هناك التزاماً سياسياً رفيع المستوى بهذا الهدف ودعما كبيرا من مكونات المجتمع الثقافية والمجتمعية والدينية للتصدي وللعمل على القضاء على شلل الاطفال. ويكتسب اجتماع اليوم للفريق الاستشاري الاسلامي اهمية كبيرة فهو يتيح لنا فرصة لتحديد تأكيد التزامنا بالقضاء على شلل الاطفال على مستوى العالم وعزمنا على ضمان تقديم الخدمات الصحية اللازمة واولها توفير لقاح شلل الاطفال للجميع وسيتيح هذا الاجتماع للعلماء والمفكرين والخبراء الطبيين المشاركين في هذا الفريق اجراء بحث مستفيض للجوانب المتعددة لهذا الموضوع ومعالجة المفاهيم الخاطئة والشكوك التي تكتنف سلامة لقاح شلل الاطفال او الهدف المتوخى من حملات التلقيح الجماعية وطبيعتها ويمكن لعمل هذا الفريق ان يكون العامل الاساسي في تعزيز قبول لقاحات شلل الاطفال ووصولها للاطفال في البلدان المتضررة من هذا الداء. ان منظمة التعاون الاسلامي تدرك الدور الحاسم للقطاع الصحي في تقدم دولها الاعضاء واولت اهمية خاصة له ودأبت على توسيع نطاق برنامجها ونشاطها في المجال الصحي كما أقامت المنظمة عدة شراكات دولية لمعالجة التحديات المتصلة بالصحة التي تواجهها الدول الاعضاء وفيما يتلعق بالقضاء على شلل الاطفال ظلت المنظمة تعمل عن كثب مع منظمة الصحة العالمية ومع المبادرة العالمية للقضاء على شلل الاطفال ونشطت على عدة جبهات منها حشد الدعم السياسي واظهار البعد الشرعي وتشجيع الملكية المحلية لبرامج القضاء على شلل الاطفال والتواصل مع مجاميع المواطنين للوصول الى قناعة عامة بالاهمية الملحة للصحة العامة والعناية بالبيئة والقضاء على الاوبئة. واشير بكل التقدير بالدور الذي يضطلع به كل من مجمع الفقه الاسلامي الدولي والبنك الاسلامي للتنمية في دعم جهود القضاء على شلل الاطفال فقد ابرزت الفتاوى التي صدرت عن مجمع الفقه الاسلامي بشأن لقاح شلل الاطفال الحاجة الماسة للتوعية بشأن فوائد لقاح شلل الاطفال وواجب الوالدين والمجتمع في حماية الطفل في الحالات التي يمكن فيها درء المرض. وما فتئ البنك الاسلامي للتنمية يقدم الدعم المالي القيم للحملات واسعة النطاق للتطعيم ضد شلل الاطفال في الدول المتضررة من هذا الداء بين الدول الاعضاء وكذلك الدور المهم للشركاء الآخرين مثل مؤسسة بل وماليندا غيتس. بيان مجمع الفقه الاسلامي الدولي للتشجيع على التطعيم: وبعد الاطلاع على التقارير الصادرة من الجهات الطبية المتخصصة فيرجو مجمع الفقه الاسلامي الدولي ان يبين ان التطعيم ضد مرض شلل الاطفال امر ثبت نفعه واخذه شائع يأخذه كل اطفال العالم سواء في الشرق او الغرب وقد اثبتت تلك التقارير ان حملات التطعيم قد نجحت بفضل الله في تخفيض النسبة المئوية لانتشار مرض الشلل بين الاطفال في دول العالم الاسلامي الى اكثر من 25% وان ترك التطعيم في بعض البلاد تسبب في اصابة المئات من الاطفال بالشلل كما تسبب في نقل فيروس المرض مع المسافرين الى عدة بلاد اسلامية مجاورة وذكرت التقارير بان تكثيف حملات التطعيم في المناطق النائية يمكن ان يقدم نتائج اكثر ايجابية غير ان تلك التقارير قد نبهت الى ان القائمين على تلك الحملات يجدون صعوبات بالغة في اقناع بعض اولياء الامور بسبب سوء الفهم الذي يجدونه عندهم حول التطعيم ضد هذا المرض ، اعتقادا منهم بانه يؤدي الى العقم لدى البنات وبعد ان تبين ممن يوثق من المتخصصين في الطب بان هذه اشاعة مغرضة لا اساس لها من الصحة وان وزارات الصحة في البلاد الاسلامية مطمئنة من خلو تلك اللقاحات من اية اضرار وبعد استذكار لخطورة هذا المرض على الاطفال وكونه من الامراض المعدية التي تنتقل بينهم بطرق مختلفة واذا اصيب به اي طفل لازمه هذا المرض طوال حياته وعاش معوقا محتاجا الى رعاية خاصة وعناية مستمرة وقد يكون عالة على غيره اضافة الى ما يسببه له ذلك من اذى نفسي واجتماعي فان امانة المجتمع تدعو الجهات المعنية في وزارات الصحة بدول العالم الاسلامي الى مواصلة حملات التطعيم ضد هذا المرض كما تحث الاباء والامهات على المسارعة في تطعيم ابنائهم وبناتهم ضده وذلك لما يلي: اولا : امتن الله عز وجل على الانسان بان خلقه في احسن تقويم قال عز وجل : (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) الآية 4 سورة التين. وامتدح عز وجل نبيه زكريا عليه السلام حين سأله ذرية طيبة : والدعاء بالذرية الطيبة يشمل العافية والسلامة في الجسم ، قال عز وجل : (هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء) الآية 38، سورة آل عمران. ثالثا : اوجب سبحانه وتعالى على الانسان ان يصون جسده ويحافظ على سلامته ويجنبه كل ما يضر به قدر الامكان قال تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة واحسنوا إن الله يحب المحسنين) الآية 195 سورة البقرة. ونهى عز وجل عن ان يقتل الانسان اولاده بأي نوع من انواع القتل ويدخل في ذلك التفريط في عما يضرهم قال عز وجل : (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطءاً كبيراً) الآية 31 سورة الاسراء، فالمحافظة على الحياة وصيانتها من كل ما يعرضها للضياع من آكد الواجبات في الشريعة الاسلامية قال سبحانه : (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً) الآية 32 سورة المائدة. ويؤكد ذلك القاعدة المقررة في الشريعة لمنع الضرر والاضرار بكل صوره والتي هي نص حديث نبوي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا ضرر ولا ضرار". "اخرجه الامام احمد في مسنده" والحاكم في المستدرك، وغيرهما.