يعد مهرجان التّراث والثّقافة الذي تنظّمه وزارة الحرس الوطني بالجنادرية من أهمّ المهرجانات العالمية التي تقام بحضور عددِ من رموز الفكر والأدب من الدّاخل والخارج .. وذلك لتحقيق جملة من الأهداف الرّفيعة يأتي في مقدمتها التّأكيد على القيم الدّينية والاجتماعية التي تضرب بأطنابها في أعماق التّاريخ . والعمل أيضا على تأصيل الموروث الوطني والتّعهد بحفظه من الضّياع في غمرة التّطور السّريع واللّهاث المادي العنيف , وحمايته من الإهمال لتقديمه للأجيال - كما كان - والمواءمة المرعيّة بين تراثنا الشّعبي ومنجزاتنا الحضاريّة في هذا العصر الزّاهر , والإفادة من تراكم الخبرات الماضية لتحسين التجارب القادمة لمستقبل أكثر بهاء لهذا الوطن الغالي وأبنائه المخلصين . والمنصف يرى أن المهرجان السّنوي الكبير حقق أهدافه بامتياز , وشكّل نقلات نوعية في المستوى بفعل التّخطيط السّليم والعمل المدروس .. ولعل أهم أسباب النجاح هو الاهتمام الكبير من القيادة الحكيمة بالتّراث والثّقافة والتّقاليد العربية الأصيلة والدّعم المستمر والرّعاية الدّائمة والحرص الشّديد على التّطوير حتى بات مهرجان الجنادرية علامة بارزة للتميّز السّعودي بشهادة الكثيرين. والواقع أن المهرجان يعد مناسبة رائعة يشدّ إليه أنظار الكثيرين ليس من مناطق المملكة فحسب بل من كثير من دول العالم . فهو الحدث التّراثي والثّقافي السّنوي الأهمّ , الذي يفخر به جميع المواطنين لما تحقّق له من سمعة عالمية عالية ونجاح متتالِ كفلت له حضورا أقليميا ودوليا كبيرين . ومهرجان التّراث والثّقافة بالجنادريّة يشكّل نافذة جميلة بالإطلالة على الماضي التّليد والتّطلع للمستقبل المشرق البهي .. من خلال النشاطات المنوّعة التي تفوح بعبق التّاريخ المجيد وبهاء الحاضر الزاهر . إذ تُقدّم على جنباته الفنون الشّعبية بكافة ألوانها وتُمارس أيضا الحرف التقليدية بشتى أشكالها , تُقام داخل القرى التَراثية البديعة التي تجسّد فن العمارة بطرازها القديم في مناطق ومحافظات المملكة , تبين مهارة الإنسان السعودي الأول في هندسة البناء وعملية التّجميل . إلى جانب ما يعرض في القاعات الثقافية من الفنون المسرحية والتشكيلية التي تثبت ما وصل إليه الفنان السعودي في السّاحة الفنية . وكذلك الأمسيات الشعرية والمحاضرات والنّدوات الثّقافية المهمة التي يتم اختيار موضوعاتها بعناية بحيث تحاكي المتغيرات والمستجدّات على مستوى العالم بمشاركة النخب الواعية بحثا عميقا ونقاشا جادا تشكل إثراء للمهرجان وما يرمي إليه . وقد حرص المخطّطون لهذا المهرجان الكبير على تقديم الجديد والمفيد , ومن ذلك استضافة بعض الدّول الصدّيقة للمشاركة في المهرجان ولإطلاع الزّوار على فنونها وتراثها وثقافتها . والأجمل تقديم المملكة بوجهها العصري أمام العالم وما وصلت إليه من مستوى حضاري راقٍ في جميع المجالات والتي أصبحت مضرب المثل في كثير من الجوانب . ولعل أبرزها ماتتمتّع به من أمن وأمان واستقرار - وسط عالم يموج بالفتن والاضطرابات - وما تتميز به من وضعٍ اقتصادي متميّز ولله الحمد . فهي مناسبة تقرّب النّفوس كما تختصر المسافات ليتم تمثيل هذا الكيان الكبير بكل ما فيه فتجتمع القلوب على المحبة والوئام في وطن ازدان بوحدته وازداد صلابة بلحمته ووقوف جميع مواطنيه صغارا وكبارا رجالا ونساء صفا واحدا تحت راية قيادته الرشيدة , يعلنون للعالم أجمع بأننا أهل سلام ودعاة سلام.