الزائر لمدينة جدة ومن لحظة وصوله جواً أو براً أو بحراً سوف يلاحظ انتشار لوحات تنبيهية مكتوب عليها (نعمل من أجلكم ونأسف على إزعاجكم) فلا يكاد يخلو حي من أحياء جدة من لوحة أو اثنتين ولا تشكك في الاثر الايجابي لهذه اللوحات في نفوس سكان مدينة جدة إضافة إلى كونها مؤشراً جيداً ولكنها قد تقرأ (هذه اللوحات) على أحد وجهين، الوجه الأول أن هناك مشاريع عديدة قيد التنفيذ مما يرر وجود هذه اللوحات بجانب كل حفرة ومطب ولا يبخس وجود الحفر والمطبات في وسط الطريق وعلى جوانبه من حالة الصبر والاطمئنان التي يشعر بها سكان مدينة جدة بأن ما كانوا يرجونه من مشاريع تتعلق بخدمات تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي وغيرها من المشاريع جاري تنفيذها ، أما القراءة الأخرى فهي أن هذه المشاريع لم (ولن) تنتهي رغم مرور زمن طويل حتى أصبح سكان جدة يألفون مثل هذه اللوحات بل ويلقون عليها تحية الصباح والمساء كلما مروا بها وأصبحت تشكل معلماً شاهداً تاريخياً لمدينتنا فهي قائمة منذ عهد الأمين التاسع عشر , وحتى يومنا هذا وأصبحنا نشفق عليها من وقوفها زمناً طويلاً دون طائل من وراء ذلك فبعضها وقعت على وجهها وتكسرت قوائمها بسبب عوامل الشيخوخة وأخرى تنتظر دروها. لوحة من هذه اللوحات الخاصة بالحفريات وشق الطرق لازالت واقفة في أحد شوارع الحي الراقي بمدينة جدة ولعل السبب أن أصحاب هذه اللوحة على يقين أنهم سيعودون يوما ما وسيحفرون في نفس المكان فلم المشقة ورفع اللوحة؟ ومع ايماننا ويقيننا أن لا أحد يسعى لازعاجنا وأن كل ما في الأمر هو صوت مخيف يصدر من معدات الحفر وكميات هائلة من الغبار تدخل في صدورنا بالإضافة إلى تناثر قليل من الحجارة والطين وماء عكر يلوث سياراتنا مع ذلك كله إلا أننا نبحث عن الآثار الايجابية. أحد مدعي المعرفة بعلم اللغة قال إنه يستطيع دمج هذه العبارة واختصارها في سطر واحد وبشكل يسهل قراءتها وفهم المقصود منها ورغم أنني لم أوافقه على النتيجة التي انتهى إليها ولكنني سأوردها لكم للعلم فقط فهو يقترح أن تكون العبارة (نعمل على إزعاجكم). خلاصة القول إننا لا نريد ازعاج أحد ولا نريد التطفل على غيرنا فمدينة جدة جميلة وتأسر القلوب وكل ما نؤمله أن لا نرى مزيداً من لوحات الاعتذار وأن تستبدل بلوحة أخرى مكتوب عليها (المشروع اكتمل بامكانك استخدام الطريق بسلام). NABIL MOGHARBEL@PETRORABIGH