من عادة اهل الحجاز في الترحيب الضيف اذا حضر والطعام موضوع على السفرة ان نقول له (حماتك تحبك) وهي دعوة لطيفة للمشاركة في الطعام وحتى لا يشعر الضيف بحرج الحضور في وقت غير مناسب، ايضا من عاداتنا ومن باب التوقير والاحترام واظهار المودة لام الزوجة ان نناديها ب(عمتي) او (خالتي) وهكذا تصبح عمتي هي حماتي وحماتي هي عمتي. ورغم انني لم اصل الى الرابط ما بين حب حماتي لي وبين الحضور في وقت الغذاء او العشاء الا انني مقتنع ان هنالك سبباً ما لهذا الربط ربما لم يصل الى علمنا في هذا الزمان، لذلك وحتى لا يكون الحب من طرف واحد (اقصد من طرف حماتي) فقد اجبت في احدى المناسبات بالرد على عبارة الترحيب المعتادة (حماتك تحبك) بالقول (وانا احب حماتي) وكانت نتيجة خروجي وتمردي على العادات والتقاليد انني تلقيت نقداً لاذعاً واستجواباً عنيفاً لانني غيرت عبارة الترحيب، وكان لابد لي ان اقدم التبريرات والاجابات المقنعة حتى انجو بجلدي، فلماذا احب حماتي؟ وما هو اسم حماتي؟ فاجبت وبكل شجاعة ان حماتي هي سر سعادتي في حياتي، وهي ملاذي اذا تعسفت ابنتها، وهي التي تقف الى جواري لتحميني من الاعتداءات المتكررة. اما اسمها فهو حتماً ليس فيفي او رازان او لجين او تالية او دينا او دانة، ولابد ان يكون اسمها مرتبط بتاريخ ميلادها ففي تلك الفترة كانت اجمل الاسماء مثل بدرية وعزيزة وزينب وفاطمة وعيشة، فلا يكاد بيتاً من البيوت الحجازية يخلو من واحدة او اثنتين من بناته تحمل اسماً من هذه الاسماء، ومع تغير الزمان وتقدمه نحو الحضارة والمدنية تغيرت الاسماء الى وداد وفتو وفائقة وصالحة وفتحية، ولكن تغير الزمان والاسماء لم يغير لديهن القيم والمثل التي ورثتها عن امهاتهن وخالاتهن واحتفظت بنات هذا الجيل بالكثير من الحنان والرقة. انهن جميلات خُلقاً وخلقاً وقلباً وقالباً، فما اجملها عمتي وهي تقبلني وتقول باسلوبها الرقيق كيف حالك حبيبي؟ وما اجملها خالتي وهي تبتسم وتمسح بيديها على خدي. اننا سعداء ان نكون جيل هذه الفترة مع خالات وعمات كن رائدات في حُسن الخلق، رحم الله من ماتت منهن وحفظ الباقيات بصحة وسعادة، ولكن قلبي مع ابنائنا واحفادنا كيف سيكون حالهم عندما تصبح رهام وروان وتوته وسوسو هن خالاتهم وعماتهم هل سيكن مثل عيشة وزينب وخديجة؟ نبيل حسن مغربل NABIL [email protected]