حُلم تحقق وجاءت استراتيجية الدولة للتخلص من العمالة الوافدة غير النظامية مؤخراً متفقة ومنسجمة مع مبدأين اساسيين هما: تحرير السوق السعودية من العمالة الوافدة غير النظامية، ثم فتح ابواب السوق للعمالة السعودية وبذلك تحقق الحلم الذي طال انتظاره. فالرسالة الحقيقية لتحرير سوق العمل السعودية من العمالة الوافدة متميزة بالوضوح والشمول، غير ان اهم ما يميز هذه السياسة، هو تلك الروح الحقيقية التواقة الى الفعل لتأكيد ارادة لا تقبل التمزق، لذلك ليس بعيداً عن المنطق ان تتفق الامة جميعها لتقول بصوت واحد مرحباً بالعمل.. ووداعاً للبطالة.فالارادة الوطنية جاءت واضحة وشاملة لتؤكد اننا نملك حاضرا قوياً يستحيل على احد تعكيره او اهداره، ونملك قدرة وطنية متجددة نستطيع من خلالها ملء الفراغ في سوق العمل بعد تحريره من العمالة الوافدة. إن حسابات المكسب والخسارة، نجد ان المكاسب عالية ومرتفعة مؤكدة بذلك بمؤشراتها بأن العملِ، والعمل فقط هو الذي يجب ان يكون محور حياتنا في المرحلة المقبلة، وان نعي معها جيداً ان سوق العمل لدينا قد تحررت من سيطرة العمالة الوافدة العنيفة والبشعة، واننا لن نجد سوى دخول سوق العمل بثبات واشتياق في جميع المجالات المختلفة من اقتصادية وصناعة وتجارة وزراعة وسياحة متحملين المسؤولية كاملة دون تردد على كل المستويات ودون اعتبار لما يمكن ان يصدر عن شارد، مآربه واضحة لصد شبابنا من دخول سوق العمل لاي سبب من الاسباب. إن المملكة تحتاج الآن الى جهود كل ابنائها بالاتجاه نحو المستقبل برؤية العمل.. العمل.. وقفة جادة، والاعتراف بأن اعظم وسيلة في حياة الامم هي العمل والتضحية لبناء الوطن، انطلاقا وتجاوباً بأن القرآن الكريم نبه على العمل والكسب لعظم فائدته واهميته للوجود الانساني وان المسلم لابد ان يضع نصب عينيه ان يكون نافعاً متقناً كما امر الله لانه محاسبه عليه قال تعالى في الآية (105) من سورة التوبة: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون". من هذا التوجه الالهي، فان العمل مهم جداً مهما قيل عن عدم قدرتنا ان يحل شبابنا مكان كوادر العمالة الوافدة التي رحلت الى الابد نتيجة النقص في الكوادر الفنية السعودية، غير انه مهما قيل من اسباب لغياب العمالة السعودية عن سوق العمل فهو غياب المفهوم الصحيح لثقافة العمل، وكذلك بالتالي الفهم الصحيح لقوة العمل التي تميز شعباً عن شعب عن شعب وامة عن امة. اننا مطالبون بأن ندرك وبأقصى سرعة ونحن نعيش تحرير سوق العمل لدينا انه في كل دول العالم التي نجحت في النهوض بنفسها شعوباً وافراداً يعتبرون العمل واجباً مقدساً ويمثل التزاماً يومياً يتوج شكلاً وموضوعاً شعار (يحيا العمل). لذلك اقول انه قد آن الاوان لكي نوجه تفكيرنا نحو هدف اساسي ونحن نسير فخورين في شوارع سوق العمل الوطني وهو رفع شعار (يحيا العمل لكي نعمق روح العمل في شبابنا باعتبار ان العمل يتم تحت اقصى درجات الانضباط والخدمة وان يكون ذلك خيارنا لان العمل عبادة في نظر الاسلام فهو دين سعي وكسب يجمع بين مصالح الدنيا والآخرة. تلك هي الصورة الجميلة للمواطنة التي تقول في وجداننا تعالوا نحب بلادنا، لان حب الوطن يؤدي الى الغيرة عليه وتحريره من كل نقص، واعزازه والنهوض به، ورفع شعار "يحيا العمل"، لانه على اساس هذه المشاركة يكون الانتماء الى الوطن.ولقد تغنى الشعراء قديماً وحدتنا بمحبة الاوطان، وبالحنين اليها، وبالدفاع عنها، وبالحرص على الاعتزاز بها فهذا ابن الرومي الشاعر العباسي يقول: ولي وطن آليت ان لا ابيعه ولا ادري غيري له الدهر مالكاً وهذا امير الشعراء (احمد شوقي) يصور حبه للوطن تصويراً مؤثراً ورائعاً فيقول: وياوطني لقيتك بعد يأس وكأني قد لقيت بك الشبابا وكل مسافر سيؤوب يوماً اذا ارزق السلامة والايابا هدانا ضوء ثغرك من ثلاث كما نهدي المنورة الركابا لذا فاني اقول اننا بحاجة الى ترديد "مرحباً بالعمل.. وداعاً للبطالة" ونحن ندخل سوق العمل بعد تحريرها من العمالة الوافدة غير النظامية، ولنتذكر ان شبابنا هم ثروة الامة ومعينها الذي لا ينضب، وان اي جهد يُبذل في هذا المجال من اجل غرس حُب العمل والمواظبة على أدائه بإتقان، وصدق الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم حين قال: "من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفور له" او كما قال عليه الصلاة والسلام.