الأمر الملكي القاضي بعقوبة من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة أو ينتمي لجماعات دينية أو فكرية متطرفة وإرهابية، استهدف تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء بحفظ الأمة في دينها وأمنها واستقرارها وتلاحمها وتآلفها، ومايستلزم ذلك من ضمانات واضحة قوية تصون الوطن وتجمع شعبنا على كلمة سواء ،انتماءً وتآلفا وبناءً ، وحماية شبابنا من الأفكار الدخيلة الهدامة التي تتربص بالوطن والأمة. ومن المؤكد أن المسؤولية المباشرة لتطبيق الأمر الملكي تقع على الجهات المعنية ، وهي مسؤولية عظيمة ودقيقة في حماية الوطن والمواطن من الفكر الضال أيا كان اتجاهه والإرهاب الغادر بكل أشكاله وأساليبه، لكن الوقاية مسؤولية ضرورية ويجب أن تترسخ في عمق المجتمع حتى تكمل وتتوج مقاصد العقوبات ودور العقول والعيون الساهرة على أمن وسلامة البلاد والعباد. فالأمن الشامل يبدأ من صواب الفكر والوعي العام ضد مصائد الضلال والتضليل والشعارات المزيفة والأقنعة الخادعة باسم الحرية أو الجهاد في غير شروطه ومواضعه . وهذا الوعي مسؤولية مباشرة على المؤسسات التعليمية والدعوية، وبالضرورة الإعلام الذي ننتظر منه أن يشرح كل هذه المقاصد الدقيقة للأمر الملكي حتى يعي المجتمع مواطنين ومقيمين، أن أمن بلادنا وحمايتها من خطورة الفكر الضال والأفكار الفوضوية الماكرة ، هو أمر لا تهاون فيه. بالطبع كلنا نعرف جيدا ما يحدث منذ سنوات في أنحاء متفرقة من المنطقة ، وما تشهده من فوضى وعنف وإرهاب غادر تسلل إلى ساحات الصراع ليجد له منصات تجمّع يستهدف تلك الدول وغيرها، وهو الخطر الأعظم على الدين الحنيف وعلى الأمة والأوطان والبشرية. لذلك أتصور وجوب تفعيل دور مؤسسات المجتمع على مستوى التعليم والدعوة والإعلام والأسرة تجاه الأجيال خاصة الشباب، فاختطاف الدين السمح الحنيف بالغلو والتطرف والإرهاب واختطاف المغرر بهم في براثنه ، هو الخطر بعينه على المدى القريب والبعيد ، وكذا الشعارات المشبوهة والأقنعة الزائفة التي هي السم الزعاف والمكر الغادر الذي يستهدف الأوطان ، وهذا يستوجب مظلة واسعة من الوعي العام للمجتمع والدور الوطني لمؤسساته في التبصير بكل ذلك. إن المجتمع بحاجة حقيقية لحملات توعية لتفعيل مقاصد الأمر الملكي بكل حكمته وحسمه تجاه كل من تسول له نفسه وفكره المريض المساس بأمنه واستقرار الوطن ، ونحمد الله تعالى أن المملكة بفضله سبحانه ثم بحكمة خادم الحرمين الشريفين وبصيرته حفظه الله ، تضع مقاصد الشرع الحنيف نصب أعينها منهاجا ودستورا ، وبه تنعم بالأمن والاستقرار، مثلما تضع العالم أمام مسؤولياته في تعزيز الحوار الحضاري والتصدي للإرهاب والفوضى عبر رؤية ثاقبة ومسؤولية جادة ، وهذا الرشد أسمى عندها من أية حسابات ، فهل تصل الرسالة إلى عمق المجتمع في تعزيز وحدة الوطن وأمنه وازدهاره. حفظ الله بلادنا من كل سوء وحفظ لنا قيادتنا الرشيدة وسدد على الحق والخير خطاها وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. كاتب وباحث أكاديمي [email protected]