ليت بعض السعوديين يستوعبون طوفان المحبة التي يكنها المسلمون لهم من الذين لم يروهم ويحلمون برؤيتهم .. ليتهم يطلعون على حكايات الحج والحجاج في كل قرية وتجمع للمسلمين.. أنهار الشوق ودفق الحنين للديار المقدسة والأمنية الغالية بالصلاة في مسجد خير خلق الله والسلام عليه، صلى الله عليه وسلم. مشاعر لا يمكن وصفها ولا يعرفها إلا من كابدها وأفنى عمره لتحقيقها. ما أجمل أن تستمع إلى قوم يجاهدون لتعلم القرآن بلغة غير لغتهم.. يصطفون في حلقات، صغاراً وكباراً، وقلوبهم تتعلق بالمعاني وتحلق في سماوات الطهر والفضيلة. ما أعظم أن يترسخ في الذاكرة تاريخ الأمة صافياً نقياً من الشوائب فيشدك إلى حيث المكان.. وتتراءى أمام ناظريك جحافل وقوافل الأماجد خلفاً من بعد خلف. صدقوني.. عندما لامست قدماي أرض ميناء جدة الإسلامي كانت كل أحاسيسي في جوف خطوتي الأولى في الأرض المباركة تلفني وصايا أهلي.. لا ترفع عينيك خاصة على أهالي مكةالمكرمة والمدينة المنورة.. تأدب.. وأحرص على اغتنام أيامك فيها فان فرصتك هذه يحلم بها خلق كثير.. وفي داخلي تمور أشياء وأشياء.. كيف هو الحال.. هل يتحدثون العربية الفصحى كما كنا نظن في السودان.. هذه اللغة الرائعة التي نعتز بها ونفخر أنها لغة الضاد. وكانت المفاجأة.. لغة الضاد بلا ضاد.. كيف هذا؟ هذه اللغة الحية لغة القرآن الكريم التي اعتمدتها الأممالمتحدة في العام 1973م بجهد دؤوب من هذه المملكة الغالية والشقيقة المغرب ثم خصصت لها يوماً من شهر ديسمبر من كل عام احتفاءً بها.. كيف يعجز بعض أهلها عن كتابة حرف الضاد ويحيله إلى حرف الظاء.. قد نقبل ذلك في اللهجات المحلية تحدثاً لا كتابة وقد نقبله في لهجات أخرى،وهذا ما يسميه العرب بالإبدال، ولكن أن نسمي العربية بلغة الضاد لتفردها به ثم لا نجده فهذه اشكالية كبيرة تستوجب المعالجة الفورية. كلنا بشر محاسبون على ما نقترفه في هذه الحياة الدنيا ولا فرق بين الناس إلا بالتقوى.. ولكن فقط نريد عودة الضاد وجزالة العربية أصل اللغات واسهاماتها الحضارية.