جرت العادة بيني وبين صديقاتي اللواتي (أمون عليهن) عندما نتجاذب أطراف الحديث و يأخذنا الحماس ونود التعبير عن مشاعرنا بأن نتبادل الشتائم الخفيفة التي لا تخدش الحياء ولا يعاقب عليها القانون , وذلك من باب الميانه على بعضنا البعض. وفي ليلة رأس السنة اجتمعنا وبينما كنا نتحدث عن أمنياتنا وطموحاتنا قفزت واحدة (تشبه البطريق) وسألتنا بصوتٍ بشع و "نكير" : لو كل واحدة منكن كانت حيوانا ماذا تختار أن تكون ؟ فاختلفت الإجابات بالطبع بين عصفورة وغزالة وسمكة ولبوة "كما اخترت أن أكون" , ولم تختار أياً منهن أن تكون حمارة مثلاً كمن طرحت السؤال , إلا واحدة (تشبه البومة) امتنعت عن الإجابة قالت هذا لأسباب خاصة لا أود الإفصاح عنها , وصرخت بنا قائلة دعوني وشأني فنعتناها بالدجاجة وعم السكوت ! بعدها اقتربت منها وسألتها : مابكِ ؟ ولم كل تلك الحساسية فهي مجرد لعبة وسؤال أحمق غير واقعي , فقالت لي:هل تريدين معرفة الإجابة؟ , فقلت تفضلي , فقالت:أغرقتني الديون (ليتني ناقة) ! وقبل أن استطرد في الحديث قرائي الأعزاء أرجو منكم ترك (العصبية الإبلية) جانباً واستكمال القراءة بعصبية إنسانية باتت مهددة بالإنقراض ! فإن الذين يوقعهم حظهم (المنيل بستين نيله) في الديون , يلعنون أبو الغلاء وارتفاع الأسعار الذي يزداد يوماً بعد يوم في زمن أصبحت فيه قيمة (الناقة) أغلى من الإنسان ! وهذا ما دعى صديقتي الغارقة في ديونها أن تتمنى لو كانت ناقة تُخدم وتمشي و(تتمخطر) كبرنسيسة , وفوق هذا تلاحقها الملايين والأعيان , وبالطبع لنا في (مهرجان أم رقيبة) خير شاهد ومثال. ففي حين انشغال العالم بالإبتكارات والاختراعات و الإنجازات العظيمة التي تفيد الإنسان , ننشغل نحن يا صديقتي بمزايين الإبل وفك المناوشات والشغب بين البعض بسبب ناقة ! ولا يصح كل هذا ويجب أن يتم إعادة النظر في مثل تلك المهرجانات التي تجلب الكثير من المشاكل وأهمها تنامي داء العنصرية بين أبناء القبائل , والمبالغة والإسراف في أسعار النياق والجمال , واستغلال البعض للمكان للقيام بالأعمال غير المشروعة كغسيل الأموال. فانهوا تلك المهازل التي أعطيت أكبر من حجمها وما عادت تفرق بين الإنسان والحيوان. ولا عليك يا صديقتي فموعد ميلادي قريب , ومن يعلم الغيب غير الله سُبحانه , انتظري وأحسني النية , فربما يُهديني أحدهم (ناقة جميلة) لها أصل وفصل ودلوعه , حينها أعدك (إن لم تُغيرني الملايين) بأن أبيعها واعطيك من ثمنها مبلغاً بسيطاً يسدد ديونك ويؤمن مستقبلك ولا أطلبك سوى الدعاء. فالمجتمعات ثقافات ولو أننا عملنا مقارنة بسيطة للمناسبات التي يحتفل بها (العرب والغرب) لأدركنا الفرق الشاسع بين المجتمعين. فالغرب يحتفلون (بأبل) , وعندنا يحتفلون (بإبل) , والفرق موقع الهمزة , فسبحانك اللهم. rzamka@ [email protected]