قبل شهور قليلة من توقيت الانتخابات التركية القادمة يتحرك رجب أردوغان على قدمين إحداهما في الداخل والثانية في الخارج للسير نحو تجديد ولايته الثالثة كرئيس للوزراء . على المستوى الداخلي رفع شعار النزاهة المغلفة بالورقة الرابحة عند الناخب التركي حيث اعتقل نهاية الأسبوع الماضي 25 مسؤولاً من مراكز حكومية بتهمة الفساد بينهم 3 من أبناء الوزراء. واتهمهم بتشويه حكومته . ثم عاد ليخرج عن محور الفساد إلى اتهامهم بالولاء والتبعية لرجل الدين المعارض فتح الله غولين المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. هنا وفي هاتين التخريجتين أراد أردوغان أن يخاطب معارضته في الداخل ووصفها ذات يوم بأنها هامشية في الشارع التركي وذلك اثناء موجة المظاهرات التي استطاع قمعها في الداخل وتأييد ما في الخارج العربي!! رغم أنها معارضة شرعية كانت تريد حرية التعبير للجميع وطرح أفكار تؤدي إلى التوازن برؤية تضمن حقوق كل الأطراف. وفي الجانب الآخر أراد ان يستخدم طوق النجاة من تفاعل الأصوات الإسلامية مع الجانب الذي يخشاه كثيراً والمتمثل في فتح الله غوين وأتباعه في تركيا وامكانية حصولهم على دعم إخوان قد يخذلونه رغم وقوفه إلى جانبهم من خلال اتحادهم العالمي الذي يحظى باهتمام أمريكي غير مسبوق كما حصل في مصر. وامكانية الدعم اللوجستي من أردوغان لموقفه ضد حكومة بشار الأسد. غير أن أوراق اللعبة في محورها الاقتصادي لا يمكن اختزالها في فساد من اعتقلهم فقط .. لكنها تمتد في جانبها الأكبر والأهم إلى نفقات رجب أردوغان من خزانة الدولة التركية على دعم جماعة الإخوان المسلمين في منظومتها الدولية من خلال إقامة المؤتمرات ودعم القنوات الفضائية ومختلف وسائل الإعلام. إضافة إلى نفقاته للتدخل في الشأن المصري وهو ما اثبتته تحقيقات القاهرة بعد القبض على عناصر تركية بين المتظاهرين تحمل أسلحة وذخائر. ومن ثم ومن خلال كل هذه المعطيات التي تقف أمام أردوغان لابد من البحث عن كبش فداء تمثل في تهمة ال 25 مسؤولاً. يتم تجيير الإخفاق في الميزانية لهم ويخرج من المسؤولية الاقتصادية . التي يدرك جيداً اسبابها وانعكاساتها الخطيرة على حجم صندوقه الانتخابي. وحتى لا يكون الرقم الاول في قفص الاتهام. على أن رئيس الوزراء التركي كان قد حاول خلال السنتين الأخيرتين أن يقدم نفسه للثورات العربية في ثوب صلاح الدين الأيوبي وذلك من خلال ممارسة خلطة سرية لم تنجح على طاولة المائدة السياسية بقدر ما اصبحت تهدده في الداخل. لتثبت المرحلة أن الرجل قد فشل في أن يكون صلاح الدين أو أتاتورك حين حاول أن يجمع بين الاثنين في خطاب ديني وآخر علماني .. كلاهما أبعد مسافة من واقع المرحلة والمتغيرات بكل ملفاتها ومنعطفاتها التاريخية وهي معطيات لا تسمح بتسطيح الوعي لا في الداخل التركي ولا في الخارج الدولي!! [email protected] Twitter:@NasserAL_Seheri