تصوير: إبراهيم بركات .. بدأ، في مقر الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة يوم السبت 3 يناير 2009، الاجتماع الموسع للجنة التنفيذية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة، وذلك من أجل بحث العدوان الإسرائيلي على غزة. وقد افتتح الأمين العام للمنظمة، البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي، الاجتماع بكلمة أشار فيها إلى أن العالم الإسلامي يعيش مفارقة عجيبة. فهو يمتلك من القدرات الهائلة ما يجعله قادراً على الفعل والدفاع عن مصالحه. فلديه من القدرات الاقتصادية، والأهمية الاستراتيجية التي يتمتع بها تزداد يوماً بعد يوم ما يؤهله لأداء دور يليق بحجم هذه الأمة العظيمة، ولكن هذه القدرات المادية والأهمية التي يتمتع بها لم تُتَرجَم فعلاً وواقعاً. لكنه مع ذلك أعرب عن ثقته بأن الأمة الإسلامية التي استطاعت في أحلك فترات تاريخها أن تخرج بحلول لتجاوز أصعب الأزمات، يمكن لها أن تنهض مجدداً من كبوتها وأن تخرج من محنتها الحالية معززة ومرفوعة الرأس. وأضاف الأمين العام أنه قام بإجراء التشاور مع عدد من القادة والمسؤولين في الدول الأعضاء من أجل تنسيق تحرك إسلامي لحماية الشعب الفلسطيني من بطش هذا الاعتداء ولتأمين احتياجاته العاجلة، كما قام كذلك بتوجيه المندوب الدائم للمنظمة في جنيف لإجراء المشاورات اللازمة مع المجموعة الإسلامية وبحث إمكانية عقد جلسة عاجلة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لاتخاذ القرارات والتدابير لوقف العدوان وتأمين الحماية للشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية. كما جدد دعوته للقوى والفصائل الفلسطينية على مختلِف توجهاتها إلى أن تتسامى على كل الاعتبارات الضيقة وأن تسارع إلى بدء حوار وطني جدّي يُنهي حالة الانقسام ويحقّق الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تصون المنجزات الوطنية وتمكّن الشعب الفلسطيني من المضي بثبات نحو تحقيق أهدافه الوطنية. وأعلن من جديد استعداد المنظمة التام للقيام بكل ما يمكن القيام به من أجل عودة اللحمة للصف الفلسطيني. وقد ألقى كلمة المملكة في الاجتماع معالي الدكتور نزار بن عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية والتي قال فيها: نجتمع اليوم وقلوبنا يعتصرها الألم ويمزقها الحزن والأسى ازاء ما يتعرض له اشقاؤنا الفلسطينيون في غزة من عدوان شرس بغيض لا هوادة فيه ولا لين.. لا يعرف الرحمة والشفقة، ولا يخضع لاية اعتبارات انسانية.. عدوان تشنه اسرائيل على جزء غال من امتنا الاسلامية، ويسقط من جرائه مئات القتلى والجرحى.. عدوان يبث الرعب في نفوس المدنيين الابرياء من نساء واطفال وشيوخ في حمام دم مرعب لا يمكن تبريره بأي شكل من الاشكال.. عدوان تقوده آلة عسكرية مسعورة تزرع الموت، وتنشر الدمار والخراب، وتعزز القناعة بحقيقة النوايا الاسرائيلية السافرة. ان ما يجري في قطاع غزة في هذه الايام لا يمكن وصفه الا بأنه مذبحة بشعة وجريمة انسانية لن تكون نتيجتها سوى المزيد من العنف، والمزيد من التطرف، والابتعاد عن هدف السلام الذي تزعم اسرائيل وتدعي انها تسعى اليه وتعمل على تحقيقه. وان مسؤولية هذا الوضع الخطير الناشئ عن العدوان الاسرائيلي الذي مازال يعصف بالارواح الفلسطينية ويدمر كل مقومات الحياة في غزة يقع في المقام الاول على نهج السياسة الاسرائيلية العدواني في التعامل مع الوضع الفلسطيني. ان هذا الوضع المتأزم والخطير بكل ما ينطوي عليه من ابعاد دولية وتداخلات اقليمية يستدعي من منظمتنا هذه تبني خطوات جادة وفاعلة تضع حدا فوريا لهذه المأساة الانسانية ولهذا العدوان السافر. ان اقل ما يجب القيام به هو اتخاذ اجراءات عملية لتحرك اسلامي دولي يطمئن اخواننا الفلسطينيين بعزمنا على الوقوف بجانبهم في هذه المحنة من خلال سعينا الجاد الى تقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الاسرائيلي الغاشم، وتنسيق المواقف الاسلامية سواء في الاممالمتحدة لاستصدار قرار من مجلس الامن يضع حدا لهذه المأساة، او على الساحة الدولية للضغط على الدول الفاعلة لحمل اسرائيل على وقف اعتداءاتها الهمجية والالتزام بمقررات الشرعية الدولية. وبعد هذا وذاك او قبله دعونا - ايها الاخوة - نكون واقعيين وصريحين، فان هذه المجزرة الرهيبة ما كانت لتقع لو كان الشعب الفلسطيني يقف موحدا خلف قيادة واحدة، ينطق بصوت واحد، وتسيره ارادة واحدة.. هي ارادة الشعب الفلسطيني بعيدا عن التدخلات وبمنأى عن المزايدات. لذلك، دعونا نقول لاشقائنا الفلسطينيين: ان امتكم الاسلامية وان كان يهمها في المقام الاول انهاء النزيف الفلسطيني، الا انه يهمها ايضا وضع حد لكابوس الفرقة المرعب الذي يهدد وحدة الصف الفلسطيني، بل يهدد مصير ومستقبل القضية برمتها.. وهذا لن يتأتى اذا لم يمد الواحد منكم يد المحبة للآخر. دعونا نقول لاشقائنا الفلسطينيين: ان استمرار الانقسام في صفوفكم يعطي للعدو الاسرائيلي مبررا لاستمرار العدوان، ويمنحه انتصارات لا يستحقها، ويؤثر على قدرة امتكم على الحركة الفعالة لدحر العدوان الواقع عليكم واستعادة حقوقكم المشروعة. دعونا نذكر اشقاءنا الفلسطينيين بقول رب العزة والجلال في محكم كتابه الكريم "واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين" وقوله عز وجل: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" صدق الله العظيم. ان مبادرة منظمة المؤتمر الاسلامي لعقد هذا المؤتمر الطارئ لمناقشة تداعيات التصعيد العدواني الخطير في قطاع غزة والمجازر البشعة التي ارتكبتها ولا تزال ترتكبها قوات الاحتلال الاسرائيلي، انما يعكس الدور البناء للمنظمة في الاستجابة العاجلة للتحديات التي تواجه الامة الاسلامية، وحرصها على حشد طاقات وقدرات الامة في مواجهة الاخطار التي تحدق بها، وكل هذا بلاشك هو موضع تقدير حكومة المملكة العربية السعودية. لقد اعربت المملكة العربية السعودية منذ البداية عن شجبها واستنكارها الشديدين لهذا الاعتداء الوحشي، وطالبت المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته للضغط على اسرائيل للوقف الفوري وغير المشروط لهذه المجازر ضد ابناء الشعب الفلسطيني، وتوفير الحماية الدولية له، وفك الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، كما امر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز باقامة جسر جوي عاجل لتقديم المساعدات الانسانية والطبية للاشقاء في غزة، ونقل الجرحى بطائرات الاخلاء الطبي، وتجهيز المستشفيات السعودية لاستقبالهم وعلاجهم، وفتح ابواب التبرعات الشعبية من المواطنين السعوديين الى اشقائهم الفلسطينيين. ولن تدخر المملكة العربية السعودية جهدا في سبيل نصرة الشعب الفلسطيني على كافة الصعد، ودعوة المجتمع الدولي للعمل بشكل فعال لحمل اسرائيل على وقف سياستها القمعية والاستفزازية، ولجم عدوانها الغاشم والمستمر ضد ابناء الشعب الفلسطيني. اما بالنسبة للصومال فإن هذا البلد العزيز علينا جميعا يعيش منذ ما يقرب من العشرين عاما ازمة طاحنة ادخلته في اتون حرب اهلية اكلت الاخضر واليابس، واضافت الى معاناة الشعب الصومالي الذي تقطعت اوصاله وتشردت اسره وتفشت فيه الامراض والاوبئة، وتنامت فيه القبلية، وانعدمت فيه السلطة المركزية للدولة. في ضوء ذلك انتشرت مؤخرا ظاهرة القرصنة التي اصبحت تهدد امن التجارة والملاحة الدولية، واختطاف السفن المدنية والتجارية العابرة امام الشواطئ الصومالية دون ان تفلح الجهود المبذولة في الحد منها. البيان الختامي وقد صدر عن الاجتماع في نهاية أعماله البيان الختامي الذي جاء فيه: ان الاجتماع الوزاري الاستثنائي الموسع للجنة التنفيذية المنعقد بتاريخ 3 يناير 2009 الموافق 6 محرم 1430ه في مقر الامانة العامة لمنظمة المؤتمر الاسلامي في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية. وانطلاقا من المبادئ والاهداف الواردة في ميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي، واستنادا الى قراراتها بشأن قضية فلسطينوالقدس الشريف. واذ يشيد بصمود الشعب الفلسطيني في وجه العدوان الاسرائيلي، ويؤكد دعم نضاله العادل من اجل استرداد حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في تقرير المصير واقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وحقه في حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يستند الى قرار الجمعية العامة رقم 194 لعام 1948 وجميع قرارات الاممالمتحدة ذات الصلة. واذ يؤكد ان الاراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ عام 1967 والتي تشمل قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشريف تشكل وحدة جغرافية واحدة. واذ يؤكد ان العدوان الاسرائيلي الوحشي المستمر على قطاع غزة والذي اوقع مئات الضحايا المدنيين ومن ضمنهم اطفال ونساء وشيوخ يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي ولاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين زمن الحرب. واذ يشير الى ان الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة وقطع امدادات الوقود والغذاء والدواء عقوبة جماعية للمدنيين الفلسطينيين ويؤدي الى عواقب انسانية خطيرة، ويعتبر جريمة حرب وانتهاكا صارخاً للقانون الدولي، واذ يشيد بجهود الامين العام وتحركاته بشأن وقف العدوان الاسرائيلي ومعالجة اثاره وتوفير الدعم الانساني لابناء الشعب الفلسطيني في غزة. وبعد اطلاعه على تقرير الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي حول العدوان الاسرائيلي، والاستماع الى السيد رئيس وفد فلسطين ومداخلات السادة الوزراء ورؤساء الوفود: * يدين بشدة العدوان الوحشي الذي تواصل اسرائيل اقترافه ضد ابناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والذي اودى بحياة المئات من المدنيين واوقع الاف الجرحى وخلف دمارا هائلا في المنازل والمرافق المدنية والبنى التحتية ودور العبادة باعتباره خرقا فاضحا للقانون الدولي ويشكل جرائم حرب ضد الانسانية، ويدعو الى تقديم المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم الى العدالة الدولية. * يطالب المجتمع الدولي بسرعة التحرك لانهاء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، ووقف اطلاق النار فورا والعودة الى التهدئة ووقف جميع العمليات العدائية، وتوفير الحماية الفورية للمدنيين الفلسطينيين، واجبار اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، على رفع الحصار الجائر الذي تفرضه على قطاع غزة وفتح المعابر. * يعرب عن خيبة امله ازاء عدم قيام مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة بما يلزم لوقف اطلاق النار ويطالب المجلس بالنهوض بمسؤوليته في صون السلم والامن الدوليين دون المزيد من الابطاء وذلك من خلال اتخاذ قرار عاجل بوقف فوري غير مشروط وشامل لاطلاق النار ورفع الحصار وتنفيذ هذا القرار. وفي حال فشل مجلس الامن عن القيام بعمل فوري، فإن الاجتماع يدعو جميع الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي ان تتحد دعما للدعوة لعقد اجتماع للجمعية العامة في اطار الاتحاد من اجل السلام، وذلك بالتعاون مع الدول الاعضاء الاخرى في الاممالمتحدة. * يدعو الى تمركز بعثة مراقبة دولية في قطاع غزة ويفضل ان تكون تحت مظلة الاممالمتحدة لوقف تصعيد النزاع وضمان استقرار الوضع. * يطالب من مجموعة سفراء دول منظمة المؤتمر الاسلامي في جنيف باستكمال تحركها لعقد جلسة عاجلة لمجلس حقوق الانسان لبحث انتهاكات حقوق الانسان الناشئة عن العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وطلب تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للتحقيق في الانتهاكات الاسرائيلية حقوق الانسان. * يدعو الفصائل الفلسطينية الى نبذ الخلافات وانهاء الانقسام واستئناف الحوار الوطني فورا على اسس تضمن تحقيق الوحدة الفلسطينية وتخدم المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وتعزز من قدرته على مواصلة نضاله العادل لنيل حقوقه الوطنية الثابتة، ويدعو الامين العام الى مواصلة العمل من اجل دعم جهود تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية التي ترعاها جمهورية مصر العربية. * يعرب عن تقديره لما قدمته الدول الاعضاء من مساعدات منذ بدء العدوان الاسرائيلي، ويحث جميع دول المنظمة على تقديم المساعدات ويطلب من الامين العام مواصلة العمل مع الدول الاعضاء وبنك التنمية الاسلامي والمؤسسات المالية الخاصة من اجل تقديم مساعدات انسانية عاجلة لقطاع غزة، ويؤكد دعمه للسلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية في مواجهة اثار العدوان الاسرائيلي ومساعدتها في اعادة اعمار ما دمره الاحتلال والعدوان وتبني عقد مؤتمر للمانحين لهذه الغاية. * يطلب من الامانة العامة العمل على تنسيق جهود الاغاثة مع منظمات المجتمع المدني في الدول الاعضاء لتقديم مساعدات انسانية عاجلة للشعب الفلسطيني للتخفيف من معاناته التي سببها العدوان الاسرائيلي. * يرحب بقيام مصر بفتح معبر رفح للاغراض الانسانية، ويأخذ علماً بما اكدته حول استعدادها بذل الجهود والعمل مع الاطراف المعنية على اتخاذ الخطوات اللازمة بما يسمح بفتح المعبر بشكل مستمر وفقاً للقواعد التي سبق الاتفاق عليها في نوفمبر 2005 لتحقيق مصالح الشعب الفلسطيني. * يقرر بذل الجهود اللازمة بالتنسيق مع جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية والاقليمية الاخرى من اجل ضمان سرعة انعقاد مجلس الامن الدولي لاستصدار قرار يلزم اسرائيل بالوقف الفوري لعدوانها ورفع الحصار وتفوير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. * يكلف الامين العام بالتنسيق مع رئاستي مؤتمري القمة ومجلس الوزراء وفلسطين للاتصال بالاطراف الدولية الفاعلة والاممالمتحدة من اجل العمل على وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ومعالجة الازمة الانسانية الناجمة عنه.