لا أعرف من الذي أطلق هذه العبارة الممتلئة بكل الانفعالات الصادقة.. التي رسخت في ذهني وتظهر أمامي كلما أردت أن أكتب شيئاً وفي كل مرة تكون أكثر وضوحاً.. وبروزاً.. فهناك أنواع من "الحياة" يعيشها الإنسان، فهذه حياة سعيدة وتلك حياة تعيسة.. وهناك حياة ضاحكة وأخرى عابسة وحياة كسيحة يمشي صاحبها على ساقين من خشب.. وهناك حياة صاحبها يعاني من البكم أو الصمم كل هذه الأنواع من "الحياة" التي نعيشها ونشاهدها هناك ايضا كتابات متعددة ومتنوعة نشاهدها ونعيشها.. فهناك كتابة تدخل الفرح على قلب من يقرأها لأن كاتبها قادر على أن يكون سعيداً فيعكس ذلك على قارئه وهناك كتابة تعيسة يصاب من يقرأها بالنكد والهم والغم لأن من اولئك الذين لا يسعدهم أن يسعد الآخرون فيكتبون همّهم على الورق بشكل قميء.. وهناك من يكتب يصف فكره فتخرج عبارته مشلولة وناقصة المعنى .. وهناك من يكتب ليقال عنه إنه كاتب ليس مهماً ماذا يقول.. وهل الذي يقوله ذو فائدة أم أنه يجلب لهم كل أنواع "ضغط الدم" لما انطوى عليه من كذب.. وقلب للحقائق وتعسّف لها. نعم الكتابة حياة.. فبقدر ما يكون الكاتب يعيش حياة سليمة في فكره وفي نظرته ويحمل هم مجتمعه وامته بصدق ويتعامل مع من حوله بأريحية بعيداً عن كل تعقيداته وعقده النفسية.. التي تندلق منه على الورق فيتحوّل ذلك الناصع البياض إلى مساحات من السواد القاتم بقدر كل هذا تكون كتابته غاية في السمو الفكري وغاية في الارتفاع إلى اقصى درجات البهاء. إن كثيرين ممن يمارسون الفعل الكتابي عليهم أن يقصفوا أقلامهم وأن يرتاحوا ليريحوا الآخرين وليعطوا مساحة ما يشغلونه من ورق لكلمة ذات فائدة وذات مردود نافع أمّا هذا الهذر.. وذلك التسطيح.. وتلك البهلوانية في الكلام والطرح لم تعد هي المطلوبة في وسط هذا الزخم من المعلومات التي تقذف بها وسائل الإتصال من جميع الجهات.. لذا على الذين لا يزالون يعيشون بعقلية ما قبل التاريخ ويتصرّفون بجهالة وهم يعتقدون أنهم يصنعون حسناً ليس امامهم إلا الانسحاب سريعاً وأن يصمتوا إلى الأبد.. نعم الكتابة حياة.. وعلينا أن نعرف كيف نعيش هذه الحياة بعيداً عن السفسطة الكلامية أو القفز فوق الحقيقة.. وجعل الأسود أبيض والأبيض أسود.. علينا أن نتخلص من كل عقدنا وكل انانيتنا التي تجعلنا لا نرى أحداً سوانا.. فندوس على مشاعر الآخر وننسى أن لهذا الآخر أحاسيسه وحياته الخاصة الكريمة التي من حقّه أن يحياها بعيداً عن عنعناتنا الشخصية وسوداويتنا الخاصة.. فالحياة لم تكن في يوم من الأيام هي الثوب ناصع البياض ولا تلك "الغترة" المنشَاة " ولا ذلك التأنق في الكلام وركوب أفخر السيارات ورص الأقلام المذهّبة الفارغة من المداد .. انها أسمى من ذلك بكثير جداً.. وكذلك هي الكتابة على الدوام.