صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة التابعة لوزارة الثقافة في مصر مؤخرا كتاب جديد للشاعرة سعدية مفرح بعنوان »قبر بنافذة واحدة«، وذلك ضمن سلسلة آفاق عربية، التي تصدرها الهيئة شهرياً. ويضم الكتاب مختارات من القصائد التي وردت في دواوين الشاعرة الخمسة الاولى وهي :»آخر الحالمين كان«، و»تغيب فأسرج خيل ظنوني«، و»كتاب الآثام«، و»مجرد مرآة مستلقية«، و»تواضعت أحلامي كثيرا«. وعلى الرغم من النأي الزماني بين الدواوين التي صدرت ما بين 1990، و2007. الا أن ثمة نسقا عاما تظل الشاعرة تحتفظ به وهي تنتقل من طرح الى آخر. وهي لا تعتمد في اختياراتها على فكرة التنوع الموضوعي المباشر، أي أنها لا تحدد ماهية الموضوع الواضح، بقدر ما هي تنسج كينونة شعرية ذات عنوان يوحي بالموضوع الذي يأتي وصفه مباغتا، فحين تنتقي لقصيدتها عنوان»وطن« فانها تفاجئنا بترتيبات أخرى غير التي نعرفها عن الأوطان: حين انتهت اللوحة ما كانت تنقصها الألوان ولا ضربات الريشة أو صيحات الاعجاب المندهشة لم ينقصها غير جدار مفرد كي تصلب فوقه تأوي، اذ تصمت الصيحات..اليه. وبتنوع المضامين، تتنوع أيضا الموسيقى الشعرية بحيث تتكون مساحات لها نبرات مختلفة في حدتها، لكنها في مجملها ذات وتيرة منسجمة مع كينونة الشعر التأملي لا التحريضي: وضعت الورقة على الطاولة وأمسكت بالقلم الرصاص لأكتب نشيدا في مديح الحرية ونبذ العنف وحق الأحياء المطلق في الحياة. وتقدم الشاعرة نفسها عبر هذه المختارات بنفس هادئ ولكنه مستمر بتصاعد شعري وانساني في نفس الوقت ففي قصيدة بعنوان »نوايا جانبية« من كتاب »مجرد مرآة مستلقية« الصادر عام 1999 تفصح عن جزء من هذه النوايا الجانبية بحذر شديد ولكن بوضوح أشد: أنا أيضا لي مطاراتي السرية جدا. ولي محطاتي التي لا يعرف مواعيد قطاراتها الكثيرة سواي. وأيضا طرق برية أروح وأجيء فيها لوحدي حيث التسكع على خطوط الحدود أنشوطة للعدم. أنا أيضا أستطيع السفر، وقد نمت أجنحتي وزعانفي منذ زمن بعيد. أستطيع... نعم أستطيع. ومن الواضح ان الشاعرة قد استمدت عنوان مختاراتها التي اشرفت على اختيارها بنفسها في هذا الكتاب، كتجربة انتقائية أولى بالنسبة لها، من مقطع شعري ورد في كتابها »تواضعت أحلامي كثيرا« الصادر عام 2007، وتقول فيه: »لنا الصدر دون العالمين.... أو القبر« نعم... لهذا المتواضع كل الصدور حتما وليترك لي قبرا بنافذة واحدة على الأقل! يذكر ان كتابا شعريا أخيرا قد صدر لسعدية مفرح ولم تتضمنه هذه المختارات بعنوان »ليل مشغول بالفتنة« وقد حقق هذا الكتاب الذي احتوى على قصيدة طويلة واحدة فقط رقما قياسيا في مبيعاته في معرض الكتاب الثالث والثلاثين في الكويت. صدر الديوان عن الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر 2008 وجاء في 260 صفحة.