بعيداً عن تفسير الأحلام والجري وراء تفسيرها من جهة ، وجرأة بعض مفسريها في التكسب بها رجماً بالغيب من جهة أخرى , وأنا هنا لست بصدد إجراء تحليل نفسي لمن يعتقد نفسه شيخ مفسري الأحلام بالرغم من فشله,ولكني استغرب من هؤلاء الذين يسايرونهم ويصدقونهم فكأنهم يرتاحون لمن يكذب عليهم . على أية حال فهذه أضغاث أحلام وما أنا بتأويل الأحلام بعالم , فالأحلام والرؤى هي مبشرات أو منذرات يحسن من يحسن تفسيرها لتصبح تفاؤلاً جميلاً تبعث الأمل في نفس صاحبها من جديد. قرأت ذات مرة كلمة سقراط "الحلم هو العلامة الحقيقية للذكاء" وكنت أشك في صدق هذا القول ، لم أكن متدرباً على الأحلام ، لقد كان من حولي ينظرون إلى أحلام الطفل على أنها "مرحلة وتعدي" ، فالأنظمة في البيت والمدرسة والمحاضن التربوية تتجاهل الأحلام ، وتعتمد على الحفظ والتلقين والترديد والممارسة والطاعة فبقي الحلم مختبئاً في قوقعته الطفولية الخيالية . لم نقرأ عن الأحلام في المدرسة ، ولم نظفر بخطة لتنميتها واستثمارها في الأسرة أو المجتمع , وكتجربة شخصية لم أكتشف إلا متأخراً جداً أهمية الحلم وعظم تأثيره في الإنجاز ومعالجة السلوكيات ..حين تحلم بجمال أخاذ فسوف يستفز خيالاتك وكأنك تراه , وحين تسمع صوتاً على الطرف الآخر من الهاتف يسابقك عقلك في رسم الصورة أو تقريبها بما يتناسب ونبرة الصوت , وحين تحلم بمن تشتاق إليه فربما ذهلت عما حولك وكأنك تحادثه وتناجيه وتبثه أحاسيسك ويسافر قلبك وعقلك إليه تاركاً جسدك مع الجلساء .. جسمي معي غير أن الروح عندكم فالجسم في غربةٍ والروح في وطنِ فليعجب الناس مني أن لي بدناً لا روح فيه , ولي روحٌ بلا بدنِ أول خطوات التغيير هي الحلم وهو وراء كل الأبواب المغلقة , وكل تغيير في الحياة يسبقه حلم , فهو الآلة السحرية التي نركبها لتحقيق أهدافنا ، وتجعلنا نتطلع إلى مستقبل أفضل ونتحدى الصعاب ونحل كل المشكلات , فالأحلام تبدأ من الخيال ، والخيال قد ينسجه عقل أو قلب , يقول آلبرت آينشتاين : الحلم أهم من المعرفة , هذا صحيح في أغلب الأحيان لأن المعرفة تحدد كل ما يمكننا أن نعلمه ونتعلمه ، أما الحلم فيتجاوز الحاضر ويشير إلى ما قد نكتشفه في المستقبل فالحلم حتماً هو بداية شرارة التفكير لتأسيس المعرفة وهو الأداة التي تحول المعرفة إلى واقع ..الواقع وحده لا يكفي ، والحلم وحده لا يكفي أيضاً ، وربما جنح الحلم عن المعقول فصار شيئاً من أحلام اليقظة لا يتصل بالواقع ومعطياته ، والميزان العادل يدعو إلى تنشيط الحلم وتفعيله دون إهدار الواقع واستيعابه. *غفوة منبه :عليك أن تحلم بالصورة التي تريد أن تكون عليها ، أو يكون عليها مجتمعك،ثم تبدأ المسير،فأهدافك هي صورة تخيلية لما ترجوه في مستقبلك. منصور عبدالله الزهراني