أدوات تشبيه ليست أصلية: بعد أن قمنا بتعداد أدوات التشبيه، وطرح الامثلة لكل واحدة من هذه الأدوات من نصوص الشعر النبطي، وبعد أن اتبعنا هذه الأدوات بما تم القيام به من عمل استقصائي لأدوات تشبيهية استعملها شعراء الشعر النبطي التي لم نقف على أن أحدًا سبقنا إلى مثل هذا الاستقصاء المتبوع بنماذج من الشعر النبطي لهذه الأدوات التي انفرد بها الشعر النبطي، وجدنا أن هناك عددا من الأدوات تلتقي بموضوع التشبيه، غير أنها في الأساس ليست من أدوات التشبيه، وذلك أن مجيئها في سياقات شعرية معينة يجعلها تكون قريبة من التشبيه، وهي في الحقيقة ليست منه أصلاً، وهذه الادوات، كالآتي: 1 – خَطْو تعتبر كلمة " خطو" ليست في الأساس من أدوات التشبيه، وذلك أن لها استعمال شعبي عام كقولنا: " خطو رجال يفهم ويعرف الأصول" ومعنى هذه العبارة: " أن هناك رجّال يفهم ويعرف الأصول "، ومن ضمن عدم مجيئها في غير سياق التشبيه قول محمد بن فالح الصقري خطو الولد مثل البلبهي لِيَا ثار = زودٍ على حملة نقل حمل أليفه وخطو الولد مثل النداوي لِيَا طار = صيده سمان ولا يصيد الضعيفه وخطو الولد ينشي على موتة النار = مع العرب يشبه لخطو الهديفه وخطو الولد يامال قصّاف الأعمار = لا نافعٍ نفسه ولا منْه خيفه فهذه الابيات الاربعة اشتملت على خمس كلمات " خطو" لا يوجد بينها ما يفيد التشبيه، غير ان الشاعر صالح مصلح الحربي قد استعمل هذه الكلمة فيما يفيد التشبيه،عندما قال: ما قصدت الجميع أخصّ ناس حثال خطو هاك الكديش اللي تنطح هوى له حيث جاءت " خطو " هنا بمعنى " مثل" ولو قلنا: " مثل هاك الكديش اللي تنطح هوى له" لاستقام البيت والمعنى أيضًا ولَمَا حصل هناك أي تغيير في المقصود. 2 – أسمّيك هذه الكلمة تدل على إطلاق الاسم، كأن يقول الشخص لصاحبه" أسميك أحمد" أو " أسميك زيد" أي أُطلق عليك اسم أحمد أو أُطلق عليك اسم زيد، غير أن من الشعراء من استعمل هذه الكلمة في غير سياقها المعروف، حيث جاء بها كأداة تشبيه وذلك عندما يقول فهد عافت في مدح الامير سلطان بن عبدالعزيز: أسمّيك المطر حاشاك لا ما أنت المطر يا أمير وهو لأعطى نزل، أما أنت تعطي وأنت بالعالي إذ أن الشاعر استخدم هذه الكلمة بمعنى " أشبهك المطر " وهذا ما جعله فيما بعد من هذا البيت يعدل عن التشبيه. 3 – سواة تكتب هذه الكلمة إما بالتاء المفتوحة أو التاء المربوطة، والصواب ما كتبناه، لأننا نقول في حال التسكين " سواه " أو " هالسواه " وما دام تحوّلت التاء المربوطة إلى هاء فإن الصواب كتابتها على هذا المنوال الذي فعلناه، وتعتبر هذه الكلمة بمعنى "فعل الشيء" عندما نقول في كلامنا المتداول: " سَوّى الشيء" أي " فَعَل الشيء " وضمن هذا المعنى قول أحمد سلطان بن سليم: دوحه ظليل وروض غابه سَوّى عليه من الزهر عوم وكذلك قول حمد بن علي المدحوس: سويت مثل اللي زرع في القفارا يزرع وغيره صار قطّف لِثْمار فمن ينظر في المثالين السابقين يجد أن كلا الكلمتين" سَوّى- سّوّيت" بمعنى "فعل" او "عمل" غير ان هناك بعض الشعراء تعامل مع " سِواة " المشتقة من هذا الفعل كأداة للتشبيه إذ يقول نايف صقر: تجيني سواة البرد ولحافي النسيان وأصير الضحية بين بردك ونسيانك أما بيت الأمير خالد الفيصل: هذي سواة اللي عن النوم قزّاه طيف الحبيب اللي على خاطره عن إنما هذا الشيء يؤكد ما ذهبنا إليه بأن هذه الأداة ليست أداة تشبيه أصلية، إذ أن معناها في هذا البيت جاءت بمعني: " فعل " ولو حذفنا " سواة " ووضعنا مكانها في البيت كلمة " فعل " لَمَا اختل المعنى في البيت الشعري 4 – سِميّ معنى هذه الكلمة في الكلام اليومي المتداول، بمعنى المطابق والماثل لاسم الرجل، فحينما نقول بان " فلان سِميّ فلان" بأن اسمه نفس اسم فلان، وإن كانت تدل على التشابه غير أنها غير مستعملة كأداة تشبيه، وممن جاء وفق هذا السياق قول منصور الفهيد. مادمت أذوقك كرز واسمك سميّ العنب وإنشودة الليل للغقوات مسترسلة لكن بعض الشعراء رأى بأن لا مانع من أن تَرِد هذه الكلمة ضمن هذا السياق وهو سياق التشبيه، حيث يقول الأمير خالد الفيصل: تدلّلْ علينا يا سميّ الظبي وش عاد تدلّل ولك بأمر الهوى شافعٍ عندي فهذه الكلمة تعني " شبيه الظبي" ولو وضع الشاعر هذه الكلمة مكان" سميّ" لَمَا حدث أي تغير في الامر. 5 – حَليّ تعتبر هذه الكلمة من الأدوات القليلة في التشبيه، وهي من الإمكان أن تنوب عن "سميّ " التي وردت في الفقرة السابقة مع مثال خالد الفيصل، لكن معناها ليس معنى " سميّ" إذ أن معنى هذه الكلمة: صِفَة أو سِمَة، ومن ضمن هذا السياق قول زوحة ابن عرّوج: الزول زوله والحلايا حلاياه والفعل ما هو فعل وافي الخصايل إذ أن معنى هذا الكلام " والحلايا حلاياه" أي " الوصايف وصايفه، لكن بعض الشعراء قد استعمل هذه الكلمة " حَليّ" في مجال التشبيه، حيث تقول اللقيس في الشيخ مانع ابن سويط: مانع لِيَا رِكْب الجواد الظهيره ما له حَليٍّ يعلم الله حذا الزير زير العراق اللي ربي بالجزيره وافي الخصايل كاملٍ بالتشابير فلو قلنا في هذا البيت " ماله شبيه يعلم الله حذا الزير" لم يحدث أي خلل في معنى البيت ومن هذا نفهم بان " حلى" هي تحل محل " شبيه- بمثل- مثيل –شبيه" أي انها اداة من ادوات التشبيه.