شعر الهجاء معظمه خارج عن الأخلاق لأنه تستخدم فيه كل أسلحة الإبادة ولأنه بذيء بحد ذاته لكنه جزء كبير من الشعر العربي والشعبي في القديم خاصة.. والهجاء المتبادل بين الأزواج والزوجات اسوأ، لأن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة، ولكن هذا الهجاء موجود ومدون وإن كان قليلاً، وربما قيل في ظروف عصيبة.. المهم أن الهجاء من فنون الشعر الكبرى، ومع مساوئه إلا أن له بعض الفوائد وهي معرفة المثالب التي يكرهها العرب، والمساعدة على دراسة (الشخصية العربية) على مر العصور، فبين المدح والهجاء تظهر القيم العليا والدنيا لدى تلك الشخصية.. ومن باب الطرافة ومعرفة ما تكره النساء في الرجال، والعكس، نورد بعض ما وصلنا من هجاء الأزواج لبعضهم سواء أكان جاداً أم مُداعباً.. قال أعرابي في زوجة له سليطة اللسان قبيحة الوجه والأخلاق كريهة المعشر - كما ورد في شعره والمراجع - وإلا فنحن لا نحكم.. قال: لها جسم برغوث وساقا بعوضةٍ ووجه كوجه القرد بل هو أقبحُ! وتبرق عيناها إذا ما رأيتها وتعبس في وجه الضجيع وتكلح! وتفتح - لا كانت - فماً لو رأيته توهمته باباً من النار يُفتح! ويبدو أن الأعراب كانوا أكثر جرأة في هذا المجال!.. أو أن بعض الشعراء نسب إليهم ما قال!.. فقد يهجو شاعر زوجته - لبغضه لها - ولا يجرؤ على الجهر بأنه القائل، دفعه البغض - وهو انتقام الجبان - ومنعه من التصريح الخوف.. فمما ينسب لأعرابي آخر في زوجة له لم تعجبه أخلاقها ولا خلقتها: (ولا تستطيع الكحل من ضيق عينيها فإن عالجته صار فوق المحاجر وفي حاجبيها حزَّة كغزارة فإن حلقاً كانا ثلاث غرائر! وثديان أما واحد فهو مزود وآخر فيه قربة للمسافر! ومما يروى لشاعرة كويتية قديمة، قيل إنها تزوجت رجلاً عن عشق، ولكنها بعد الزواج كرهته ولم يعجبها سلوكه.. فقالت (وهناك روايات أخرى): (شمت لك من لابتي لو كثر لومي داخل في خاطري أخذك عشاقه قلّط الفتخة ترى قبلي جزومي يوم خان بك الردى ماني علاقة غرّني سحنتك في زين الهدومي والبشيت اللي تشيله بابتراقه الردي لو ناض ما يقدر يقومي وان حبل النكث ما يرتّب علاقه يا حلي اللي على الجيفه يحومي ابرق الجنحان اطاريفه دقاقه) والبيت الأخير كناية عن طائر الرخم (الرخمة) و(السحنة) هيئة الوجه.. واعتمدنا في رواية الأبيات، وأنها لشاعرة من الكويت على ما أورده الأستاذ الفاضل حمود النافع في رد له نشر بهذه الصفحة سنة 2009 ولم يشر للزواج بل ذكر انها مجرد خطبة.. ورجحنا الزواج لطلبها الفتخة (دبلة الزواج!!).. والحطيئة كبير الهجائين في الشعر العربي ولا فخر!.. لا عجب أن يهجو زوجته المسكينة: أطوِّف ما أطوِّف ثم آوي إلى بيت قعيدته لكاع بل هجا أمه قبحه الله!.. وكان لسانه يحكه على الهجاء كما يحك الجرب جلد صاحبه.. وذات يوم لم يجد فيه أحداً يهجوه.. فهجا نفسه: (أرى لي وجهاً شوّه الله خلقه فقبِّح من وجه وقبِّح حامله!) ويبدو أن هذه لحظة الصدق الوحيدة في حياته!! وقالت امرأة في زوجها البخيل (وزانع العين بعد): «إن لي زوجاً بخيلاً ليس يرضيه القليل دون ان يبتاع شيئاً يطلب الأكل الجليل ويرى البيت جحيماً وبنيه شر جيل لو رأى يوماً سواي صاح بالشدو الجميل ولهذا قد خلعته إنه شر خليل!» وجاء في محاضرات الأدباء (3/205) أن رجلاً خطب حسناء ومدح نفسه لها جداً ووعدها الوعود فلم تجد ما وعد بعد الزواج فقالت: (قد رأيناك فما أعجبتنا وبلوناك فلم نرض الخبر) وبلوناك: اختبرناك!.. وأورد لزوجة: (الزوج زوجات ذو مال يعاش به وذو شباب شديد المتن كالمرس فلا شباباً ولا مالاً ظفرت به لكن ما شئت من لؤم ومن دنس! وكرهت أعرابية زوجها ليلة الزفاف! فوراً! فظلت ساهرة على نار.. نار الكره حتى بزغ الفجر فهربت لخيمة أهلها وطلبت الطلاق وقالت: وأنقذني بياض الصبح منه لقد أنقذت من شر وبيل! ومن الشعر الشعبي السائر قول المرأة التي مات زوجها فتزوجت أخاه: (اخذت اخوه أبي العوض ذاك من ذاه والبيت واحد من كبار الحمايل عندي مثيله واحد كنه إياه عليه من توصيف خلي مثايل الزول زوله والحلايا حلاياه والفعل ما فعل وافي الخصايل) ومن الشعر المشهور قول أحدهم في زوجته العجوز: اعجوز ترخي أن تكون فتية وقد نحل الجنبان واحدودب الظهر تدس إلى العطار سلعة أهلها وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟! تزوجتها قبل المحاق بليلة فكان محاقاً كله ذلك الشهر وما غرّني إلا خضاب بكفها وكحل بعينيها وأثوابها الصفر فقد غرته قبل الزواج بالتزين والتصابي واكتشف أنها عجوز بعد أن وقع الفأس في الرأس (لابسة خلاخل والبلاء من داخل) كما يقول المثل الشعبي!