تحت رعاية نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود افتتح صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية الرئيس الفخري للمجلس العربي للمياه، امس المؤتمر الدولي الثالث للموارد المائية والبيئة الجافة 2008م والمنتدى العربي الأول للمياه وذلك بمركز الملك فهد الثقافي في الرياض. وقد بدئ الحفل المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم. ثم ألقى الأمين العام لجائزة الأمير سلطان العالمية للمياه رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدولي الثالث للمياه الدكتور عبدالملك آل الشيخ كلمة شكر خلالها باسمه واسم الجهات المنظمة والراعية والداعمة لهذا المؤتمر، نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لرعايته حفظه الله لهذا المؤتمر، ولسمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز على افتتاحه المؤتمر. وقال إن الماء عنصر الحياة الأغلى والحاجة إليه في تصاعد مستمر، مما يستدعي تضافر الجهود بين كافة العلماء وشرائح المجتمعات الإنسانية للعمل معا بروح الأمانة والمسؤولية لتوفير الماء والمحافظة على ديمومته ونقاءه من التلوث والترفع في سبيل تحقيق ذلك عن أية اعتبارات جغرافية أو سياسية أو اقتصادية. وأشار الدكتور آل الشيخ إلى أن الماء كغيره من عناصر البيئة يقع في محور اهتمامات نائب خادم الحرمين الشريفين لما يتمتع به سموه الكريم من شخصية إنسانية رفيعة المستوى، عميقة الإحساس، فياضة المشاعر، تمتد بالدعم والرعاية في كل ما يتعلق بالمحافظة على البيئة وأهم عناصرها وهو الماء. من هذا المنطلق كانت جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه التي قدمها سموه الكريم تشجيعاً للبحث العلمي وتكريما لكل الجهود المخلصة والعقول المبدعة التي شاركت في الحفاظ على الماء في كل أنحاء العالم. وعبر عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو نائبه لكل ما يقدمانه في سبيل رفعة هذا الوطن وبناء هذه الأمة وتقدمها. بعد ذلك ألقى معالي وزير المياه والري بجمهورية مصر العربية رئيس المجلس العربي للمياه الدكتور محمود أبو زيد كلمة ثمن خلالها رعاية نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز للمؤتمر الدولي الثالث للموارد المائية والبيئة الجافة والمنتدى العربي الأول للمياه الذي يأتي بالتزامن مع جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه. وقال معاليه إن هذه الرعاية تعبر عن مدى اهتمام سموه بقضايا المياه في العالم وفي الوطن العربي بصفة خاصة ورعايته لعلوم المياه والعلماء وثقته في أن العلم والعمل هما فقط السبيل الوحيد لمواجهة التحديات وتأمين مستقبل هذه المنطقة. وأوضح معالي الوزير المصري أن المنتدى العربي الأول للمياه سيناقش بعض البرامج الفنية التي يتبناها المجلس العربي للمياه ومنها برنامج التكيف مع المتغيرات المناخية وإدارة الطلب على الموارد المائية وغيرها من الأمور المتعلقة بالمياه. بعدها ألقى معالي وزير المياه والكهرباء الدكتور عبد الله الحصين كلمة رحب فيها بسمو الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مثمنا معاليه افتتاح سموه لفعاليات هذا المؤتمر. وأوضح معاليه أن نقص الموارد المائية يتمثل بجلاء في انخفاض الكمية المتاحة للاستخدام الفرد بحوالي ( 60 في المائة ) منذ عام 1950م أي أن استخدام العالم للمياه قد زاد ثلاث أضعاف خلال النصف الأخير من القرن المنصرم عندما زاد سكان العالم من (2.5) بليون إلى (6) بلايين نسمة وستنخفض الكمية المتاحة بنسبة (33 في المائة) خلال الأربعين سنة القادمة حين يرتفع عدد سكان العالم إلى (9) بلايين نسمة أي أنه خلال مئة عام فقط أنخفض وسينخفض المتاح للفرد بأكثر من (90 في المائة) عن مستواه 1950م أو بمعنى آخر لن يعود متاحا للفرد في عام 2050م إلا أقل من (10 في المائة) مما كان متاحا في عام 1950م، ومن ناحية أخرى يتضاعف الطلب على المياه كل ( 35 ) عام وإذا كان (40 في المائة) من المياه المطلوب توفيرها للزراعة سيأتي من مياه الري كما هو الحال الآن وذلك لسد حاجة ( 2.4 ) بليونين وأربعة من عشرة من البليون نسمة، من المتوقع إضافتهم لسكان العالم فإن الحاجة ستكون لما يوازي عشرين ضعف لجريان نهر النيل أو مئة ضعف جريان نهر كلورادو وهو ما يظهر بجلاء حجم التحدي الذي يواجهه العالم. وقال معالي الوزير إن توزيع المياه بين مناطق العالم لا يتناسب إطلاقا والكثافة السكانية فبينما تستأثر الأمريكيتان بحوالي (40 في المائة) من مياه العالم نجد أن سكانها هم (15 في المائة) فقط وفي المقابل تحوي آسيا (60في المائة) من السكان ولا يتجاوز نصيبها (36في المائة) أي نصيب الفرد في قارة آسيا أقل من ربع نصيب نظيره في الأمريكيتين وتزداد فجوة المقارنة اتساعا عندما تضيق الدائرة لتشمل الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا الذي يحوي (6.4 في المائة) من سكان العالم بينما يحوي (1.4 في المائة) فقط من المصادر المائية أي أن نصيب سكان هذه المنطقة هو ربع متوسط المتاح لقارة آسيا على قلتهم مقارنة بالأمريكيتين، علما بأن ثلاثة أرباع المتاح من المياه في الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا تستأثر به أربع دول فقط هي (إيران والعراق وسوريا وتركيا) إضافة إلى ذلك فإن اثنتي عشر دولة من أكثر من خمس عشرة دولة في العالم شحا في المياه تقع في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. وبين معاليه أنه من هذا المنطلق تأتي أهمية عقد هذا المؤتمر الذي ينعقد متزامنا مع حفل توزيع جائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان العالمية للمياه بفروعها الأربعة وفرعها الإبداعي هذه الجائزة التي تأتي لتؤكد اهتمام سموه الكريم بجانب المياه بحثا وتقنية وإدارة ليس في المملكة فحسب بل في العالم أجمع. بعد ذلك ألقى سمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز كلمة قال فيها إنه ليوم مشهود، أن نجتمع في عاصمة المملكة، في ظل ثلاث مناسبات مائية فها هو المؤتمر الدولي للموارد المائية والبيئة الجافة، في دورته الثالثة، والمنتدى العربي الأول، الذي ينظمه المجلس العربي للمياه، والثالثة توزيع الجوائز عل الفائزين بأبحاث جائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه ثلاث مناسبات تبين أهمية هذه السلعة الإستراتيجية، التي منها تبدأ الحياة، ومن دونها تنتهي وهي توضح القلق العالمي بل الفزع مما ينتاب مادة الوجود من ندوة، وقدر، وتلوث، وسوء إدارة ثلاث مناسبات، تنذر بأننا سنغرق جميعاً، ما لم نفطن إلى ما يحدق بنا، فالمركب واحد، إما النجاة وإما الهلاك. وأضاف سموه إنني أغتنم فرصة هذا التجمع العالمي، لأشارككم في همومكم المائية، من دون سرد للإحصائيات المخيفة، فأنتم تعلمونها وتعيشونها أكثر من غيركم وكني سأوجز بعضاً من تلك الهموم في عدة ملاحظات : الأولى : إنني أدعوكم وأدعو كل ذي ضمير حي، أن يبادر إلى مواجهة القرصنة المائية وردعها، فهي لاتقل بشاعة، إذا تركت وعاثت في الأرض فسادا، عن حكم بالإعدام على من لاذنب له. الثانية : عندما شرفني نائب خادم الحرمين الشريفين، بافتتاح ندوتكم الموقرة، حاولت الإلمام بأحدث الأخبار، وأدق المعلومات في عالم المياه، فهالني الكم الهائل، من الندوات والمؤتمرات، والجوائز والإحصاءات، وعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، إلا أنه لم يعط الاهتمام اللازم لموضوع هو أشد خطراً مما نتخيل، إذ الإرهاب لم يتوقف، أو يستسلم، والكل يشعر بخطره، ومعظم الدول، لم تتنبه لاحتمال أن يغير إستراتيجيته فيستهدف الموارد المائية، لنصحو يوما، على إرهاب مائي، يدمر محطات التحلية، أو يسمم الأنهار والأنابيب، والآبار والمياه الجوفية لذا، أناشدكم، وأنتم المسؤولون والقادرون على اتخاذ القرارات، ورسم السياسات، وتنفيذ الخطط والإجراءات، أن تولوا الإرهاب المائي البيولوجي الأهمية القصوى. الثالثة : تعلمون ما عاناه العالم، خلال الشهور الماضية، من أزمة مالية، اقتضت دعوة رؤساء عشرين دولة إلى القمة، التي اختتمت أعمالها في واشنطن، لمناقشة الأزمة وأسبابها، والاتفاق على مبادئ الإصلاح للمؤسسات والتنظيمات والقطاعات المالية فإن كان العالم قد استشعر خطر هذه الأزمة، التي عصفت باقتصاده، فإن عليه أن يستشعر الأزمة المائية، التي لاتقل خطرا عن الأزمة المالية ولاشك أن معالجة الأزمة المائية تحتاج إلى تكاتف كل الدول، غنيها وفقيرها، وتعاونها على الوصول إلى حلول ناجعة، من دونها سيصبح العالم خرابا ودمارا،إنني أدعو إلى قمة مائية، على غرار القمة المالية، إذ لو أمكن الصبر على المعاناة المالية وتجاوزها، لما أمكن الصبر إذا عز الماء. الرابعة : أوضحت عدة دراسات علمية، أن ظاهرة التغير المناخي، أصبحت حقيقة واقعة، بات على المجتمع الدولي التعامل معها، يجدية وصرامة وقد أثبتت هذه الدراسات علاقة وثيقة بين الظواهر المناخية، التي تشهدها بقاع مختلفة، من العالم، وظاهرة الانحباس الحراري ولاشك أن الموارد المائية هي من أكثر الموارد الطبيعية تأثرا بتلك الظاهرة، نظرا إلى أن المناخ هو المكون الرئيسى للأمطار، عصب التنمية : الاقتصادية والاجتماعية، للدول كافة، وهي التي ستكون أول من يتأثر بظاهرة التغير المناخي ولن تنجو المنطقة العربية من تلك الظاهرة، إذ ستعاني نقصا تدريجيا في مياه الأمطار، يناهز عشرين في المائة خلال السنوات الخمسين المقبلة، إضافة إلى زيادة في تكرار دورات الجفاف لذا، على الدول كافة، أن تشارع إلى وضع الإستراتيجيات وخطط العمل الوضحة، للتخفيف من الآثار السلبية لتلك الظاهرة، فضلا عن اعتمادها البرامج الفاعلة في المستويات : المحلية والإقليمية، لتبادل المعلومات، والتنسيق مع الآليات الدولية. الخامسة : لايخفى عليكم مشكلة الوقود الحيوي، الذي تصنعه بعض الدول، من المحاصيل الزراعية إن هذا الوضع الحرج، الذي نجم عن ممارسات زراعية مخطئة، يتطلب سياسات مائية جديدة، وفعالة، وأنتم المسؤولون عن عصب الحياه وشريانها، أن تضعوا حدا لذلك العبث بمقدرات الحياة، وأن تحددوا أولويات لاستخدام المياه. واقترح سمو الامير خالد بن سلطان الى عقد قمة تبحث وتقترح البدائل، وتقرر وتنفذ، إنقاذا للبشرية، فلا حياة بلا ماء، ولا بيئة نظيفة شحيح ماؤها، ولا تنمية مستدامة تفتقد مياهما، ولا تقدم ولا عمران للأرض إن جفت شرايينها. وعبر سموه في ختام كلمته عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وسمو نائبه وللقيادة الرشيدة، لاستضافتهم تلك الندوات والمنتديات الفعالة، التي تسهم، بلاشك، في تخفيف حدة الأزمة المائية، في الحاضر والمستقبل فالوضع لا يحتمل التأخير أو التسويف، أو الاكتفاء بالشعارات. بعد ذلك كرم سمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الشركات والمؤسسات الراعية للمؤتمر. ثم افتتح سموه المعرض المصاحب للمؤتمر حيث تجول سموه في اجنحة المعرض وشاهد ما عرض فيه من تقنيات تتعلق بالمياه وترشيدها. اثر ذلك ادلى سمو مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية الرئيس الفخري للمجلس العربي للمياه بتصريح صحفي أكد فيه أن استضافة المملكة للمؤتمر الدولي الثالث للموارد المائية والبيئة الجافة والمنتدى العربي الأول للمياه بالإضافة الى جائزة الأمير سلطان العالمية للمياه، يعد فخرا للمملكة ويعكس اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو نائبه بالموارد المائية وأن الاهتمام بالمياه ومحاولة إدارتها الإدارة الصحيحة هي جل اهتمام الحكومة الرشيدة. وأوضح سموه أن وزارة المياه والكهرباء تقوم باستمرار في إعطاء الأرقام التي تكون في بعض الأحيان مزعجة مما يدل على خطورة الوضع خاصة إذا تفاقم بدون عمل الحلول وبدون ترشيد. وأشار سمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز إلى أن حكومة خادم الحرمين الشريفين أعطت المياه أهمية ووضعتها في وزارة مستقلة والآن هي تعمل في هذا الإطار لمحاولة حل المشكلة مع بقية دول العالم الآخر وفي نفس الوقت تثقيف المملكة وشعبها باستغلال المياه أفضل استغلال حيث أن الإنتاج المائي في نقصان والاستخدام المائي في زيادة ويجب أن تحل هذه المعادلة في المستقبل إن شاء الله. وعن القمة المائية التي اقترحها سموه في كلمته قال أتمنى من معالي وزراء المياه والمؤتمرات الدولية أن تتبنى هذا المؤتمر وتفكر في حل هذا العجز المائي.