رغم الأعباء الثقيلة التي يحملها فوق كتفيه ، ورغم الضغوط النفسية والمعنوية التي تلاحقه عقب كل هزيمة لفريقه ... إلا أنه لم يفقد أبداً بريق الإرادة الصلبة ، ولم تخيفه هراوات الفشل ، ولم تهزه قيود الهزائم التي كبلت ناديه مع بداية دوري الدرجة الأولى ، فظهر صلباً قوياً عنيداً يطيح بضراوة بكل ما يعترض مسيرة النادي .... إنه رئيس نادي الربيع أحمد عبد الله البعداني صاحب الإرادة الحديدية التي كانت سبباً في تسميته ب "الرجل الحديدي" الذي رسم بجهده الوافر لوحة رائعة شملت كل ألوان النجاح والتفوق والرغبة الأكيدة في الارتقاء بناديه في جميع الألعاب . التقت " البلاد " به في حوار لا تنقصه الصراحة تطرق فيه الرجل إلى نتائج فريقه المتواضعة ، ورأيه في مستوى لاعبيه ، وسياسته الإدارية والفنية ، وغيرها من الأمور الأخرى التي تهم عشاق الربيع .. رحلة معاناة *الربيع هو النادي الذي يسري حبه في عروقي ، وهو المكان الذي أبذل من أجله الغالي والنفيس ، لأنه كيان كبير ، ورمز وانتماء لأبنائه ، والربيع رحلة معاناة وعطاء وجهد ونجاح كلل بالصعود للدرجة الأولى. فهل صعد الربيع ليهبط ؟ - أعرف أنك تقصد الإشارة إلى هزائم الفريق الأخيرة من أبها والجيل والنجمة والطائي ، أقول لك أن الهزيمة ليست عيباً فأكبر فرق العالم تتعرض للهزائم المتكررة ، وهناك أندية عريقة مرت بنفس الظروف التي يمر بها الربيع من إخفاقات وفشل مثل ريال مدريد الأسباني واليوفنتوس الإيطالي وتشيلسي الإنجليزي وبايرن ميونيخ الألماني . ولكن هذه الأندية تمتلك إمكانيات العودة إلى أمجادها وانتصاراتها؟ -صحيح ..هم يمتلكون الإمكانيات المادية والفنية والجماهيرية التي تعيدهم إلى مكانتهم الطبيعية كأبطال أوروبا ، ولكن لاعبينا يمتلكون الإرادة والحب الجارف لناديهم ، ويمتلكون الرغبة العارمة في إثبات ذواتهم ، ولديهم أيضاً الإصرار والعزيمة وهما أبرز أسباب تحقيق الانتصارات والعودة بفريقهم إلى منصة التتويج .. فالربيع ليس أقل من ريال مدريد في قدرته على تخطي المحنة رغم الفارق الهائل بيننا وبينه. *إلى أي مدي ترى فرصة الربيع في البقاء ؟ -كلي ثقة في أبنائي اللاعبين الذين يدركون تماماً حجم المسؤولية الصعبة التي ألقيت عليهم جميعاً لذلك ثقتي في البقاء بلا حدود خاصة بعد تحسن الأداء عقب تولي الكابتن حسن خليفة قيادة الفريق ومعه جهاز فني على مستوى عال يضم محمد العرياني وفيصل الغامدي وطارق جاد ، وهم قادرون على معالجة الأخطاء وتصحيح الأوضاع والأخذ بيد الفريق إلى الأمام. *الربيع الفريق الوحيد بين أندية الدوري كله الذي يستعين بمدرب وطني .. لماذا؟ -لي الفخر أن أكون رئيس النادي الوحيد بين الأندية السعودية الذي يستعين بالمدرب الوطني ، واختياري لحسن خليفة مدرب الاتحاد السابق ليقود الربيع هذا الموسم خير دليل على صدق كلامي ، واهتمامي بالمدرب السعودي ليس بدعة أو اختراعاً جديداً بالعكس فقد كنت أول من اخترت المدرب الوطني منذ 7 مواسم عندما قاد خليفة الربيع في الدرجة الثالثة وصعد به إلى الثانية ، وميلي للمدرب الوطني له أسباب وجيهة من وجهة نظري أهمها أن المدرب الأجنبي يكلف خزانة النادي فوق طاقته من رواتب وسكن وسيارة وأسرة وغيرها من الأعباء التي تثقل كاهل النادي والتي يوفرها لنا المدرب الوطني ، بالإضافة إلى منح الفرصة للمدرب الوطني لإثبات ذاته وقدرته على خوض مثل هذه التجارب الفنية التي تصقل موهبته وتدفعه إلى مصاف المدربين الكبار. *ولماذا اخترت حسن خليفة بالتحديد للتعاقد معه لتدريب الربيع؟ لأنه مدرب كفء ، قوي الشخصية ، صاحب إمكانيات فنية وبدنية عالية يمتلك كل مقومات المدرب الناجح ، وأعتقد أنني محظوظ بوجود هذا الرجل على رأس الجهاز الفني للربيع ، بالإضافة إلى أن حسن ليس غريباً على النادي فقد سبق له تدريبه والصعود به إلى الدرجة الثانية ، فضلاً عن الخبرات التدريبية المميزة التي اكتسبها من المدربين الأجانب الذين عمل معهم سنوات طويلة وأيضاً للعلاقة المتينة التي تربطني به منذ أن كان لاعباً بفريق البعداني. *نجحت في ضم لاعبين دوليين كبار لهم بريقهم ونجوميتهم في عالم الكرة ..ترى ما أسباب موافقة هؤلاء النجوم للعب للربيع رغم بعده عن الأضواء والشهرة؟ - بالفعل نجحنا في ضم لاعبين ممتازين لهم مكانتهم ووضعهم في سماء الكرة السعودية ، ويأتي على رأسهم نجما المنتخب الوطني سابقاً مرزوق العتيبي وخالد قهوجي ، وأيضاً خالد الحازمي وعلي العبدلي ونايف خيبري وعتيق السلمي وكلهم لعبوا في الدوري الممتاز ، أما بخصوص موافقتهم للانضمام للربيع فهذا يرجع لتقديرنا لنجوميتهم ، وحسن التعامل معهم نفسياً ، واجتماعياً ، وسلوكياً بالإضافة إلى أن الربيع ليس بالنادي المغمور أو المجهول . *بما تفسر عزوف الجماهير عن مساندة الربيع رغم أنه زاخر بالنجوم؟ - لست قلقاً على انخفاض شعبية الربيع لأننا ما زلنا في بداية الطريق وطموحات اللاعبين تتخطى البقاء ، وكم من ناد بدأ بلا جمهور مثل الشباب وسرعان ما التفت حوله الجماهير بعد انتصاراته المتكررة ، كما أن وجود الأهلي والاتحاد بجدة له تأثير كبير على نادي الربيع ، فالجماهير تتجه نحو الناديين الكبيرين لأنهما الأكثر شعبية على المستويين المحلي والآسيوي والعالمي أيضاً ، ولكن مع الانتصارات وظهور الفريق بمستوى طيب سيزداد عدد المحبين والعاشقين لنادي الربيع. *ما الذي يحتاجه الربيع ليبتعد عن منطقة الخطر؟ -الربيع يحتاج لتغيير اسمه وأسعى لذلك في أقرب فرصة لأن الاسم يتشابه مع منتج محلي معروف مما يؤثر سلبياً على الدعم المادي للنادي ... فنحن لا نحتاج أشياء خارقة أو بعيدة المنال فالحمد لله ليس عندنا مشاكل مالية مخيفة بالعكس لا يوجد لدينا راتب واحد متأخر لأي لاعب أو مدرب أو حتى عامل بالنادي ، بل إن جميع اللاعبين تسلموا رواتب الشهر القادم لعدم تشتيت أذهانهم وهو ما يتفرد به الربيع عن أندية كثيرة ، لذلك ليس لنا أية أطماع سوى الوقفة الصادقة لأبناء جدة وجمهورها ومسؤوليها لمساندة الربيع ودعمه معنوياً ونفسياً ومادياً لأن الربيع جزء لا يتجزأ من نسيج جدة مثله مثل الأهلي والاتحاد. *الأهلي والاتحاد كيف تراهما ؟ وما مدى العلاقة بينك وبين مسؤولي الناديين ؟ - بالتأكيد الأهلي والاتحاد ناديان كبيران لهما تاريخ عريق وتواجد عالمي مشرف في عالم كرة القدم ، أفخر به شخصياً لأنهما من صلب وجسد جدة ، وعلاقتي بمجلس إدارة الناديين قوية ومتينة لا يمكن أن يزعزها حاقد ، أو يهدمها جاحد ، وأعتقد أن نادي الربيع يعتبر من نفس فصيلة الأهلي والاتحاد . وبالنيابة عن مجلس إدارة ولاعبي وجماهير الربيع أتمنى للفريقين التوفيق في مباراة نصف النهائي لبطولة دوري أبطال آسيا ، والفائز منهما سيمثل المملكة في نهائي البطولة وإن شاء الله يكون البطل. *وما تقييمك لأداء لاعبي المنتخب السعودي في الفترة الحالية؟ -أرى أن اللاعب السعودي يمتلك مهارات عالية وفكراً كروياً ناضجاً ولكنه يحتاج إلى إعادة تكوينه الجسماني من جديد ، فمعظم لاعبي المنتخب رغم ارتفاع مستواهم الفني إلا أن أجسامهم ضعيفة والتكوين الجسماني لا يرقى لأقرانهم من لاعبي المنتخبات الأخرى ، وأنا أعتبره سبباً من أسباب تراجع مستوى لاعبي هذا الجيل ، بدليل أن الجيل الذهبي للمنتخب السعودي الذي وصل لنهائيات كأس العالم وفاز ببطولة الخليج وحقق إنجازات طيبة على المستوى الآسيوي كان يتمتع بالتكوين الجسماني القوي أمثال أحمد عيد وسعيد العويران وفؤاد أنور وغيرهم من النجوم الكبار، بالإضافة إلى أن اللاعب السعودي يفتقد إلى ثقافة الاحتراف الحقيقي في ظل انشغاله بأمور كثيرة غير الكرة تؤثر في مستواه كأعباء العمل والأسرة والزوجة والسكن والسفر. *دوري ركاء كيف تنظر إليه كمسابقة رسمية للاعبي وأندية الظل؟ -دوري ركاء من الدوريات المهملة جماهيرياً وإعلامياً لأن الفرق الكبيرة تستحوذ على الاهتمام الأكبر والرعاية الأشمل ، ولكن أنا أعتبر أن دوري الدرجة الأولى في غاية الأهمية لأنه يفرخ لاعبين متميزين يفيدون الأندية الكبيرة وبالتالي يستفيد المنتخب الوطني من هؤلاء اللاعبين لذلك أرى أن الاهتمام بدوري ركاء مهمة وطنية. *أي الأندية السعودية تحرص على متابعتها ومشاهدة مبارياتها ؟ -أنا عاشق للكرة الجميلة ذات الأداء الراقي ، وأشاهد جميع الفرق إذا أتيح لي ذلك ، وإن كنت تريد معرفة النادي الذي أشجعه فهو نادي الربيع ، وإن أردت معرفة الشخصية الرياضية التي أعجب بها فهى شخصية سيدي سمو الأمير نواف بن فيصل الذي تعلمت من سموه دروساً كبيرة كانت سبباً في تحقيق العديد من النجاحات والإنجازات. - علاقتك بلاعبي الأندية الكبيرة على ما يرام ، فمن منهم يسحرك بأدائه داخل المستطيل الأخضر؟ الحمد لله جميع اللاعبين أبنائي ، ولكني ازداد إعجاباً باللاعب الذي يجمع بين حسن الخلق وثبات المستوى ، ويعجبني من هذا النوع ياسر القحطاني قائد الهلال ، ومحمد نور كابتن الاتحاد ، وناصر الشمراني هداف الشباب ، وعماد الحوسني مهاجم الأهلي الخطير، وحسين عبد الغني لاعب النصر ، ومن اللاعبين الأجانب المحترف البرازيلي إيلتون لاعب الفتح. *ما تقييمك للدور الذي يقوم به الإعلام الرياضي في متابعته لأحوال الكرة السعودية ؟ -بصراحة لست راضياً عن بعض الأقلام التي تتعرض بالنقد الهدام للتشويه والتقليل من شأن المنتخب الوطني ، ونشر عيوبه بصورة لا تليق باسم وسمعة الأخضر الذي يمر بمرحلة حساسة في تاريخه ، لذلك كان الأجدر بمن يرفعون سيوف النقد الحاد أن يعرضوا كل ما ينتقدونه على المسؤولين واقتراح الحلول المناسبة. كلمة أخيرة ؟ -أقولها لرجال الأعمال بجدة حيث أتمنى منهم التواصل مع نادي الربيع الذي يحتاج إلى وقفة صادقة منهم لمساندة ودعم الفريق الذي يمثل جدة في البطولات الرسمية جنباً إلى جنب مع الأهلي والاتحاد ، ووقفة رجال الأعمال مع نادي الربيع ليست جديدة عليهم فقد سبق سمو الأمير خالد بن عبد الله الفيصل و سمو الأمير تركي محمد بن عبد الله بدعم النادي بالإضافة إلى زيارة كل من الشيخ أحمد فتيحي و الشيخ طلعت لامي للنادي ومساندتهما له.