وحارت الكلمات.. وتاهت أحرفي والبسمات.. وتحول كل شيء متأجج بين يديّ إلى كومة أشواق مرتجفة.. وتفاصيل ذات قيمة لامعة تقف عاجزة أمام معتقل هواك.. ومركبة مسافر يهيم حنينا للقياك.. وسحائب حب ذات إيماء خافت تواترت مسرعة إليك.. اهتزت لها كل عروش السلاطنة.. وعانقتها قهقة أباطرة القياصرة.. وتمدحت بها ألسنة الشعراء المتيمة بعشق تلك وذاك.. وتأوهت لها قصص ألف ليلة وليلة.. منذ أول وهلة ولد فيها طغيان احتياجي إليك شعرت في لحظتها بأنني ارتكب حماقة في حق قلبي, حاولت أن أخنق صوتا مرتجفا يخبرني بأن من أبحث عن فرط وقوفه بجانبي في أزماتي وسكناتي بل حتى في حال اصطدام دمعي مع زلاتي لا تمثله ذاتك الصخرية. فالمساس بشخصيتك السادية وعنفوانك الديكتاتوري المصاحب لموجات الحب في صدري.. ولفيف المشاعر المتأرجحة في داخلي بين قبول ما يشهره سياط وداعك الشائك.. وما يأن له تفكيري المتراكم.. وتتداوله ترجمة روايات مهاتراتك الاعتيادية.. بمثابة مغامرة ساحقة يمكنها أن تذيب كل أركان بيتك الثلجي والذي يقطن في أقاصي تلك الأقطاب الباردة المتجلدة في قوقعة محيط قارتك المتشتتة.. .. أعلنت أنت الرحيل وتأهبت استعدادا له, وبدأت من حيث انتهيت.. من نقطة وصل كانت بيننا.. وسكبت في وجداني قسوتك التي استقيتها من خلف كواليس مسلسلك الهزلي.. وجعلت من ذروة حبي لك قوالب أحاسيس مجمدة بمكر ودهاء رجل.. لقد اغتال رحيلك من حياتي ازدواجية أحزاني وأتراحي.. وتبعثرت معه كل رسائلي المضطربة في كوخ ذكرياتي القديم "خوفا من أن لا تعود أبدا". كم رجوتك بدموع أشعلت نار التمرد في غياهب أعماقي وألجمت مسافات النسيان في مخيلتي.. بأن لا تتركني كبقايا خواطر متبلورة كانت تتوارى خلف ذاكرتك.. انسحابك المشبع بالأنين من حياتي أصبح بمثابة مداد حزين يشاطر دموعي.. ليبوح لك كيف كان يسطو الليل بظلامه على أجفاني.. وكيف كان يعانق ضوء القمر لهفة اشتياقي.. لقد تساوت لديّ مساحات الخوف والألم.. وتصدرت قائمة جمودك في قسماتي سلسلة وهم وشرود ذهن.. وافترشت قناعاتي برحيلك أسطح مفرداتك النازية التي كنت تصوّبها إليّ وبهجوم شرس.. وأسرع نيزك غموضك بالانسياب إلى أرض واقعي اليتيم بهبوط فلكلوري مزدحم.. يساورني دائما شك عميق في أن قلبك قد حمل لي ذات يوم ذلك الحب المتناغم الألوان وتلك اللوحة الربيعية المترنمة بالألحان.. هوامش حبك لي كانت مجرد صدى لأكذوبة عشتها في أبجديات فضاء أسرابي وأطلقت لها العنان حتى صارت مسرحا مجردا من الشخصيات ومرتعا لكم هائل من الأحلام والأمنيات.. يا ترى هل المراوغة فن يمكن اقتباسه؟ وهل تميزت أنت به منذ أن تعلق هاجسي بك؟ ومتى استطعت أن تصطاد دقات لتجعل منها طعما لفريسة غرورك؟ ومن سمح لك أن تسبح في فلك أحزاني وتشعل قنديل سعادة كان لها الهيلمان يوما ما في مجرات أسقامي؟ ليتني أجد أجوبة لهذه الأسئلة الفولاذية الملمس.. لعل ذلك يسكت لهيب اللوعة في وجداني ويريح علامات الاستفهام الكامنة في طيات أفكاري.. أناملي باتت تعجز عن وصف صدمة رحيلك واندماج واقعي المرير الممزوج بأجواء اللامبالاة عندك بأحاسيس مزعجة تدفعني إلى السقوط في هاوية عميقة من الصعب إيجاد طريق للخروج منها.. اختفت كل كلمات الهوى من مجلداتي.. وتعامدت لحظات الأسى في صفحاتي.. وتوقفت خطواتي مقيدة بالهزيمة أمام قلبي وهواك.. واستوت عندي نبرات هجرك والبكاء.. ولم يبق لي سوى صرخاتي والعتاب.. عد إليّ ولا ترحل فلن يتسنى لحياتي طعما بدونك.. ولا لدموع قلبي نغما سواك.. جمالة إسماعيل يحيى حسن - جدة