في أمسيته الشعرية الأولى في نادي المنطقة الشرقية الأدبي أثار الشاعر محمد الثبيتي إعجاب الجمهور، الذي حضر مساء الثلاثاء الماضي. وتفاعل الجمهور مع القصيدة الأولى، التي ألقاها الثبيتي خلال الأمسية (بوابة الريح)، وطالبوه بإعادة ما قرأ كلما مضى في القصيدة شوطاً، وقال في القصيدة: قصائدي أينما ينتابني قلقي ومنزلي حيث ما أُلقي مفاتيحي أدار الأمسية الشاعر محمد الدميني، الذي ربط في مقدمته التعريفية والترحيبية بالثبيتي وتحولاته الشعرية ودواوينه، وقال: (فمن رومانسية مُغادرة بعد ديوان (عاشقة الزمن الوردي) إلى أرض فكرية وأدبية جديدة، متسمة بقلق المغادرة خلّف فيها ديوان (تهجيت حلمًا.. تهجيت وهمًا)، ليبدأ بعدها الشاعر مرحلة من أفق اجتماعي وجماهيري متأملاً فيها جغرافية مجتمعه وهمومه وآلام الإنسان فيه ومستوعبًا في الوقت نفسه الأشكال الشعرية المستجدة التي طرأت في أفق الكتابة الشعرية العربية في بداية ثمانينيّات القرن المنصرم، فكانت فاتحة تلك المرحلة من حياته قصيدته الشهيرة (التضاريس) حيث كشفت عن قدرة فذة زاوج فيها الشاعر بين اللغة الكلاسيكية وبين موضوعات شعرية حديثة). وأشار الدميني إلى العقود الثلاثة والمسيرة الشاقة التي قطعها الشاعر الثبيتي في طريق الحداثة الشعرية وإلى امتلاكه منذ البداية عدّته الشعرية، واصفًا علاقته مع التراث بالمعمقة ووعيه بشروط الحداثة ورهاناتها، التي كانت غامضة بعض الشيء في تلك الفترة بالمبكّر، ولغته التي ملك بها زمام تعبيره بالمتينة، إذ مكّنته من الاستلاب من موضوعاته دون تعثر أو تقصير، وحيثُ لم يطل مكوثه في أرض الرومانسية التي كثيرًا ما كبّلت شعراء مجيدين. وتحدث الدميني عن فوز الثبيتي بجائزتي البابطين الشعرية، وسوق عكاظ، وقال عن تجربته: (إننا أمام تجربة سريالية تمكنت بفعل تكوينها وبينتها اللغوية والدلالية من الوصول إلى ذائقة الناس وعلى الضفة الأخرى فقد فرضت نفسها تجربة فريدة بارزة في الحداثة الشعرية في المملكة وهي تجربة أثّرت وما زالت تؤثر في الأجيال التي أتت بعدها). وألقى بعد ذلك الثبيتي عدداً من قصائده منها (أنت والنخل صنوان)، وقال فيها: أنت والنخل طفلان واحد يتردد بين الفصول وثان يردد بين الفصول: أصادق الشوارع والرمل والمزارع أصادق النخيل أصادق المدينة والبحر والسفينة والشاطىء الجميل أصادق البلابل والمنزل المقابل والعزف والهديل أصادق الحجارة والساحة المنارة والموسم الطويل.. كما ألقى (لي ولك) و(أمضي إلى المعنى) و(الأسئلة) و(موكب الرمال) و(تغريبة القوافل والمطر).وأبدت بعض الحاضرات، في ختام الأمسية، اعتراضهن على خلو الأمسية من المداخلات، ورأين في هذا القرار المتخذ إداريًا من قبل النادي، إجحافًا بحقهن كمتلقيّات في المشاركة في عملية الإبداع خاصّة تلك التي صاغتها قصائد الثبيتي بجمالية تحضّ على المساءلة وتحرّض على المكاشفة وتدفع إلى مزيدٍ من القول، وتمنّت إحدى الحاضرات إلغاء هذا القرار في مرّات قادمة.