حذر المشاركون في ندوة تجارب الكتاب ضمن فعاليات سوق عكاظ في نسختهالسادسة من انسياق الفنانين إلى الأعمال التلفزيونية وهجران المسرح ، مؤكدين أن شاشات التلفزة تستخدم الاغراء المادي لاغتيال الفن المسرحي , وصف الكاتب السعودي محمد العثيم خلال الندوة التي أدارها فهد ردة أمس ،بدايات المسرح السعودي بالصعبة حتى بلوغه المشروعية على أساس أنه مؤسسة مجتمع مدني، منوها إلى أن عمر المسرح الذي يتجاوز النصف قرن مليء بالجهد والتناقضات , وأوضح العثيم أن التحديات التي واجهها المسرح السعودي شكلت مجتمعامسرحيا من الكتاب والممثلين والفنيين رغم غياب العنصر النسائي كما أوجدت جمهورامتعطشا للعروض المسرحية الموسمية , وأشار الكاتب العثيم إلى أن المسرح في المملكة أصبح موضوعاً جدليا فيقضاياه الحالية بين النخبوي المتفوق الصنعة والتجريب إذ أنه مسرح يصنع للمناسبات وليس للجمهور ويعرض في المهرجانات المحلية والعربية والأجنبية بسعوديين تقنيين ومتعلمين ومحترفين في فنون التأليف , وأضاف " يعاب على المسرح غيابه عن الجمهور المحلي وأصبح مدرجا في العمل الثقافي النخبوي وهذا ما جعل منع جدلي وتناقضي وعاجز عن الاستمرارية مع الجمهور المحلي الراغب في المتابعة بشكل منظم".ونوه العثيم إلى أن المسرح وعناصره في كل الدول العربية وليس المملكةوحسب يعاني من سطوة دراما التلفزيون المربحة والتي خطفت عناصره المميزة وذلك بالاغراء المادي , وعن واقع المسرح في الوقت الراهن قال العثيم " المسرح السعودي ومنذ بدأ لا يزال مخصص للمناسبات وخاضع لظروف الأنشطة في الجامعات والدوائرالداعمة ولن يتغير حاله الا بإنشاء جمعية للمسرحيين ليتسنى للجميع قراءة تاريخ هذاالفن في سياق منهجي ". وانتقد الكاتب المسرحي السعودي محمد العثيم،المشتغلين بالهم المسرحي من مسرحيين وجمعية ومؤسسات ثقافية كونها أسهمت في تهميش المسرح، وكانت استراتيجياتهم التخطيطية خالية من وصفة مطورة لصناعة الفنون في السعودية، وبخاصة المسرح والدراما والسينما ، معتبرا أن المثقف النخب الاول من دق مسمارا في نعش المسرح السعودي ، بسبب مسحه قيمة وصورة المسرح من ذهنه،وانكفائه على شيء من القصيد والقصة، متجاهلا أن المسرح في كل دول العالم هو رأسحرية الثقافة , وشدد العثيم على ضرورة إيجاد مساحة للمسرح التجاري " إذا أسند هذا النوع من المسار لأهلوهم يسند للمهرجين ومن هم في سياقهم، سيؤدي إلى زرع قيم وعرض أخرى بالأسلوب الواقع بللمسرح وليس بالأسلوب الكلاسيكي والثقافي التجريبي". مؤكدا عدم تأييده فيماظهر في المسرح المحلي بما وصفه بالحركات المتجاوزة، التي يسميها أصحابها بالتجريب رغم بعدهم عن الواقعية. من جهته قال المسرحي المغربي عبدالكريم برشيد " أن ما يعانيه المسرح العربي حاليا عدم الوقوف على نقطة ارتكاز محدد وصلبة كما أنه لا نظريةفلسفية تشكل خلفيته وأرضيته ولا أسئلة أيضا وجودية كبرى بل هو مسرح حكايات وأمثولات إطار فلسفي لها ولا يثير أسئلة كبرى وهذا ما جعل قريبا من قشور الواقع بعيدا عنلبها ". وأضاف " أن ما يميز المسرح أنه ليس مجرد فرجة بل احتفال للالتقاءبالآخرين وممارسة الغريزة الاجتماعية كأفراد وسط طقس وجداني نادر وليس مجرد كائنات آلية تتفرج على آلة أخرى", وأشار برشيد إلى أن المسرح حاجة، ولكن الحاجات الطبيعية يمكن تكييفها أو تزييفها أوالالتفاف حولها، أو استبدالها بما يشبهها، وأضاف "هذا ما نعيشه حالياً، منخلال إشباع حاجة الإنسان للمسرح بما يشبه المسرح، والعمل على مده بأشكال متعددةومتنوعة من الفرجة، وبملايين من الصور المتحركة، والتي تتضمن الحكي والسرد والمثيروالمدهش من الشاهد، ولكنها تقفز على أهم شرط في المسرح، والذي هو التلاقي الإنسانيالحي". وأبان أن هناك من من يخون المسرح، ويحاول أن يستبدلالتلاقي المسرحي العفوي والحيوي بالتفرج الآلي السلبي، إضافة لآخرين يحاولون سجنالناس أمام الشاشات , وأكد المسرحي بورشيد أن كل من يحاول اغتيال المسرح سيجد نفسه في مواجهة الحياة، وسيدرك أنه لا وجود لأي حياةاصطناعية خارج هذه الحياة الحقيقية "إن من يخاصم المسرح، لابد أن يجد نفسه يخاصم العقل والمنطق، ويخاصم الحقيقة، فهذا الفن في معناه الحقيقي روح الحقيقة الكامنة خلف صور الأيام المتحركة، وخلف وقائعها الكاذبة والمزيفة".