يُعدّ الفهم الجيد وتوظيف ممارسات الأبنية الخضراء التي تنبثق من رؤية تعتمد على تغيير طريقة تصميم وإنشاء وتشغيل وإزالة الأبنية، بحيث تتحول من مبان تقليدية إلى مبان مستدامة وصديقة للبيئة وعالية الكفاءة، هو ما تسعى المملكة إلى تحقيقه. فقدْ كشف الدكتور أسامة البار أمين منطقة مكةالمكرمة عن مشروع قرار لإلزام كافة مشاريع البناء الكبيرة والمباني الحكومية والشركات بتطبيق كود البناء الأخضر بعد أن اتضح أن المملكة تفتقد بشكل عام ثقافة المباني الخضراء، وأن عدد المباني الموثقة فيها كمبانٍ خضراء لا يتعدى المبنيين، حيث إن هناك دراسة استشارية تجرى في هذا الشأن تأخذ في الاعتبار معايير التقييم. وكانت العاصمة المقدسة قد أخذت خطوات نحو تنفيذ هذا المشروع، بداية من التعريف بمفهوم المباني الخضراء، من خلال تنظيم عدة ندوات بمشاركة المجلس السعودي للمباني الخضراء وزيارة بعض المسؤولين لمدينة مصدر في أبوظبي مع حضور بعض المؤتمرات الخاصة بالمباني الخضراء، بالإضافة إلى عقد ورش عمل للتنمية النظيفة مع بيوت الخبرة العالمية في هذا المجال. وبدأت أمانة مكة من خلال تلك الجهود، دراسة بيئية واقتصادية لاستصلاح الأراضي الزراعية ومعالجة مياه الآبار الملوثة، وإعداد دليل لجميع الشركات والمكاتب والمؤسسات المتخصصة بالتخطيط والدراسات تمهيدا لتطبيق المفهوم. ويأتي التفكير في المباني الخضراء بعد أن أصبحت البيئة وقضاياها تستقطب اهتمام العالم، حيث تواجه الكثير من بلاد العالم مشكلات تراجع وتناقص مدخراتها من الموارد الطبيعية، وظهرت الكثير من مشاكل التلوث التي باتت تهدد وتحاصر الإنسان في جميع نشاطات حياته المختلفة، الأمر الذي أوجد مسببات للانطلاق في مجالات بحوث وتقنيات التصاميم الهندسية والبيئية المختلفة للمحافظة على الموارد البيئية وخفض استهلاك الطاقة واستعمال مواد صديقة للبيئة، وبالتالي تحقيق جميع مبادئ التنمية المستدامة. كما توفر المباني الخضراء نحو 95% من النواحي الصحية في المباني، إضافة إلى 65% في الطاقة، و50% من هدر المياه، و30% من تكاليف التشغيل، وهي عبارة عن تطبيق أسلوب إنشائي يحترم البيئة، ويحقق مبدأ الاستدامة عن طريق التوازن والانسجام مع الطبيعة، مع الأخذ في الاعتبار استعمال مواد بناء صديقة للبيئة، واستخدام التقنيات والبرامج الإلكترونية لتقليل استهلاك الطاقة والمواد والموارد، مع خفض تأثيرات الإنشاء على البيئة. وقد أصبحت العمارة المستدامة والأبنية الخضراء الصديقة للبيئة أمرا ضروريا وليس اختياريا بالنسبة للمملكة، حيث حققت تقدما ملحوظا في الخطوات والإجراءات التي اتخذتها لتحقيق التنمية المستدامة، ومنها مجالات الاستهلاك والإنتاج المستدام، حيث تبنت المملكة من خلال الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة رؤية واضحة في حماية البيئة والحد من تأثيرات الظواهر الجوية بصفتها التزاما ومطلبا تشريعيا واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا، وجزء لا يتجزأ من التنمية والتخطيط السليم.