عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة صدر للباحثة والناقدة السينمائية المصرية أمل الجمل كتاب "القتلة بين هيمنجواي وتاركوفسكي". يقع الكتاب في خمسة فصول و176 صفحة من القطع المتوسط، في الفصل الأول تتناول الباحثة بالشرح والتحليل قصة القتلة التي كتبها إرنست هيمنجواي عام 1927م والتي كانت أولى قصصه الناضجة التي تنشر في مجلة دورية بعد بداية غير موفقة في كتابة القصة القصيرة. ثم تتناول المصري بالدراسة والمقارنة الشريط الفيلمي القصير المقتبس عنها للمخرج أندريه تاركوفسكي، والذي أخرجه بمساعدة رفيقة في معهد السينما ألكسندر جوردون تحت إشراف المخرج ميخائيل رومان، وكان هذا الفيلم هو أول مشروع تدريبي له أثناء الدراسة، ومدته 19 دقيقة مقسمة إلى ثلاثة مشاهد، أخرج منها تاركوفسكي مشهدين مدتهما 17دقيقة. في الفصل الثاني تتناول الباحثة الأدوات السينمائية في شريط القتلة بما في ذلك الميزانسين وما يتضمنه من حركة الكاميرا والممثلين والزمن النفسي والحالة الذهنية للشخصيات، إلى جانب الإضاءة والألوان والموسيقى والمؤثرات الصوتية، والمونتاج. لا تكتفي أمل الجمل بالمقارنة بين العملين لتوضيح الفروق بين جنسين مختلفين، لكنها ترفق ترجمة أعدتها لقصة هيمنجواي، وديكوباج وسيناريو تفصيلي للفيلم القصير المقتبس عنها؛ لأن ذلك في رأيها يُفيد القارئ أكثر، حتى لو لم يشاهد الفيلم. ورغم أن قصة القتلة تم تحويلها إلى السينما مرتين إحداهما عام 1946، والثانية عام 1964 لكن من وجهة نظر الباحثة تبقى التجربة الأهم هي الفيلم القصير الذي وقعه أندريه تاركوفسكي والذي حافظ على روح القصة وجوهرها حتى أنه يكاد يتفوق على قصة هيمنجواي ذاتها. وكما يقول الناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة: كتاب «القتلة» دراسة تحليلية مقارنة دراسة تعمّقت بالقصّة والفيلم أوضحت المَشَاهد القصصية والفيلمية ذكرت ما بقي من القصّة في الفيلم، وما حُذف فيه منها حلّلت الشخصيات ناقشت المواقف قرأت التقنيات، إخراجاً وتصويراً ولقطات وتوليفاً حدّدت الجُمل المحذوفة عالجت التفاصيل كلّها التي صنعت الفيلم. كما يلحظ القارئ انحياز المؤلّفة الواضح إلى تاركوفسكي حيث تقول: «هكذا يراني البعض، وأنا لا أُنكر هذا أعترف أني ممسوسة بعوالمه» (ص. 7). و قالت إنها تشعر بروحها «تُحلّق في الجوار» من حولها، كلما أعادت مشاهدة أحد أفلامه، أو قراءة أفكاره: «تسكنني الطمأنينة والسكينة والرغبة القوية في إنجاز عمل فني حقيقي، بمقاييس هذا المبدع الخلاّق» (ص. 7). في الوقت نفسه، أظهرت الكاتبة قدرة تحليلية للنصّ القصصي أيضاً، جاعلة تحليلها إياه مدخلاً إلى ربطه بالفيلم، وبإضافات الفيلم أو قوّته البصرية في حذف مقاطع أو جُمل.