على رغم أن قصة «القتلة» للكاتب الأميركي إرنست همنغواي تم تحويلها إلى السينما مرتين إحداهما عام 1946، والثانية عام 1964 فإن الباحثة والناقدة السينمائية أمل الجمل في كتابها الجديد «القتلة بين همنغواي وتاركوفسكي» ترى أن الفيلم الروائي القصير الذي وقعه أندريه تاركوفسكي عام 1956 والمقتبس عن ذات القصة يظل هو التجربة الأهم «لأنه حافظ على روح القصة وجوهرها حتى أنه يكاد يتفوق على قصة همنغواي ذاتها». صدر كتاب أمل الجمل عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويقع في خمسة فصول تبلغ 176 صفحة من القطع المتوسط . تتناول فيه الباحثة بالشرح والتحليل قصة «القتلة» التي كتبها إرنست همنغواي عام 1927 والتي كانت أولى قصصه الناضجة التي تنشر في مجلة دورية بعد بداية غير موفقة في كتابة القصة القصيرة، وقد حصل مقابلها على أجر قيمته 200 دولار. ثم تتناول بالدراسة والمقارنة الشريط الفيلمي القصير المقتبس عنها للمخرج أندريه تاركوفسكي، والذي أخرجه بمساعدة رفيقه في معهد السينما ألكسندر غوردون تحت إشراف أستاذه المخرج ميخائيل رومان. كان الفيلم هو أول مشروع تدريبي لتاركوفسكي أثناء الدراسة. مدته 19 دقيقة مقسمة إلى ثلاثة مشاهد، أخرج منها تاركوفسكي مشهدين مدتهما 17. تسعى أمل الجمل، في كتابها الجديد، عبر المقارنة المتأنية إلى إبراز الأصول المشتركة أو القرابة التكوينية بين الوسيطين الأدبي والسينمائي، وتحديد العلاقة بين القصة والفيلم المأخوذ عنها، ما هي التناصات والاقتباسات، وأثناء ذلك ترصد الفروق والاختزالات، تُضيء جوانب للتشابه وأخرى للاختلاف. و تُؤكد الباحثة أن استخدام المقارنة بين القصة والفيلم المقتبس عنها لا يعني تفضيل أحدهما على الآخر، فكل منهما جنس مختلف من الفنون، قائم بذاته، له أبعاد جمالية وفكرية متفاوتة. لكنها لجأت إلى المقارنة لتمس جوهر التجربتين، لتكتشف ما بينهما من تناص وجذور مشتركة، وما بينهما من تماثل أو تباين وعلاقة تأثيرية تبادلية. ثم تختتم الدراسة بإطلالة على كل من شخصيتي الكاتب والمخرج وإنتاجهما وأعمالهما، إلى جانب ترجمة قصة همنغواي، وتفريغ لديكوباج الفيلم الروائي القصير حتى يتمكن القارئ من المقارنة بنفسه لو رغب بذلك.