فرصةٌ سانحةٌ، قد لا تتاح بمثل ما تتاح يوم العيد، أن نقوم معًا بمظاهرة حبّ، فنسيل في الشوراع، والطرقات، والأزقة الصغيرة : بياضًا. أن نعلن عن مسيرةٍ بيضاء من غير سوء، فننتصر للحبّ : نعانق كلّ من نلتقيه بلا استثناء. نحاول، في هذا اليوم الأغرّ، أن نمزّق بعضنا تقبيلا، وأن نستحيل فيه إلى أحضان دافئة، وقلوب عاشقة، وأيدٍ معطاءة، لتزداد بهجتنا بعيدنا أكثر. نحاول معًا أن نفجّر كلّ عواطفنا القديمة و الجديدة.. تلك التي سكنتنا مع أوّل النبض، وتلك التي تخفق معه، وتلك التي للتوّ تستعدّ للخفقان. نجمع كلّ هذه العواطف في أشكال مختلفة من ألعاب الأطفال الأبرياء : مفرقعات نارية، وأقصوصات ورقية، و علب ألوان، ومراجيح، ثم ندخل في عالم الطفولة بكل أعمارنا السنية، بدءًا بالشيخ الكبير، ومرورًا بالكهل الراشد، وانتهاءً بالشاب الناضج، و ننصهر كلنا في أعمار هؤلاء الأطفال، فنتناثر ألوانًا من الأضواء في سماء العيد، و نستحيل إلى قناديل معلّقة في فضاء الحبّ. هكذا ينبغي أن نفهم العيد لكي تصبح أرواحنا أكثر إشراقًا، وأشدّ إضاءةً، وأحلى مذاقًا. أحبتي.. أشيعوا لغة الحبّ، وثقافة الحبّ. مضمضوا بكلمة [ حبّ ]، ثم ابلعوا ماءها العذب الحلو مع حلوى العيد. حبّوا ولا تخشوا على قلوبكم من الهرم، أعيدوا ترتيب مشاعركم كما ترتبون رفوف المكتبات، و كما تنسّقون حدائق منازلكم، وكما تنفضون الغبار والأتربة عن أطراف الجدران وزوايا الغرف ؛ فالعيد فرصةٌ لإعادة الوجوه المخبوءة في ذاكرة الزمن : إعادة الأحياء الذين طمرهم النسيان وتجديد العلاقة معهم، وإعادة الأموات إلى الذاكرة، وإرسال دعوات مباركات تصلهم في أشكال هدايا تتحفهم في يوم العيد و تصل ما بيننا و بينهم بجسرٍ من الحبّ. العيد خفقة شعور في قلب الزمن، و بسمة مضيئة في ثغره، ورحابةٌ في أفقه، فلنكن فيه أكثف عاطفةً، و أكثر ابتسامًا، وأوسع رحابةً. لنجعل حديثنا عناقا، و اختلافنا وفاقا. لنحاول أن نكون مجانين حبّ، بالمعنى الإنساني، فنقبّل الجُدُر، والشبابيك، وأعمدة الكهرباء، وأسوار المنازل، وطفايات الدفاع المدني، وكل الأشياء التي تحيط بنا، فالعيد فرصةٌ سانحة لأنسنة الجماد وبثّ روح الحياة فيه من أجل تعميم الحبّ. أحبابي.. كل عام وأنتم العيد و بهجته. نبض: العيد فسحة والفرح سِيْد الاحكام واللي زعل لجل ايش يلبس هدومه ؟! ما للحزن، في حضرة العيد،هندام والعاقل اللي حزن يومه بيومه !