لم يقتصر الإدمان عند الشباب في هذه الأيام على تناول المواد المخدرة التقليدية، بل أصبح الدخول على شبكة الإنترنت نوعاً جديداً من الإدمان، يؤثر عليه وعلى حياته بشكل عام، حيث يشعر برغبة شديدة ومستمرة للدخول على الإنترنت، ويصل الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب في حال البعد عنه بسبب السفر على سبيل المثال، وتتفاقم الأزمة بإهمال التزامات أخرى تسبب العديد من المشاكل مع الأهل وفي العمل والدراسة. ونشرت مؤخراً هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة بعض الأرقام والإحصائيات المتعلقة بمجال الإنترنت، وأكدت على ارتفاع نسبة انتشار الإنترنت خلال السنوات الماضية، من 5% عام 2001 إلى نحو 47.5% في نهاية العام 2011، ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حالياً بأكثر من 13 مليون مستخدم. وقد أكدت أيضاً الإحصائيات أن عدد مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوق" بالمملكة وصل إلى 5,148,240 مستخدم في شهر مارس عام 2012 . وجاء إرسال واستقبال الرسائل عبر البريد الالكتروني والمشاركة في المنتديات وغرف الدردشة في المرتبة الأولى بنسبة 77 % من حيث المواقع الالكترونية الأكثر جذباً للسعوديين، يليه جمع المعلومات بنسبة 56 %، ثم الترفيه والتسلية بنسبة 49 %، وتنزيل البرامج بنسبة 48 %، بينما تأتي نسبة من يستخدمون الانترنت لأغراض تجارية في المرتبة الأخيرة بنسبة 22 %. ويؤكد العديد من الأخصائيين النفسيين على وجود العديد من الأسباب التي تدفع إلى الوقوع في الإفراط في استعمال الإنترنت، وإهمال الشباب لدروسهم وتخليهم عن الواجبات الأسرية، ومنها عدم القدرة على التعامل مع الضغوط الحياتية اليومية مما تجعل الشخص يفر من الواقع إلى عالم الخيال، وعدم القدرة على مواجهة المشكلات، وعدم القدرة أيضاً على شغل وقت الفراغ بهوايات متنوعة وإقامة علاقات اجتماعية جيدة بسبب الخجل أو الانطواء. كما أشار أغلب علماء الاجتماع بأن الشعور بالخواء النفسي والوحدة من أبرز أسباب إدمان الإنترنت وأيضاً الهروب من الواقع بضرب من الخيال في علاقات تفتقد فيها الحميمية مع الآخرين، وتجنب مواجهة الآخر وجهاً لوجه سواء كان الآخر هو الأسرة أو الأصدقاء، والمعاناة من بعض الاضطرابات النفسية المتمثلة في الاكتئاب، القلق، اضطرابات النوم، التلعثم، الإرهاب الاجتماعي، والافتقاد إلى الحب والبحث عنه من خلال الإنترنت. وتظهر العديد من الأعراض النفسية والاجتماعية لمدمني الإنترنت، وتتمثل في الألم الشديد، والعصبية والتوتر عند مفارقة الحاسوب، واضطراب المزاج والضيق، وخلافات دائمة مع العائلة والأصدقاء، وانخفاض في المستوى التعليمي، وعدم السيطرة على الوقت ومدة الإبحار. أما الأعراض الجسدية فتتمثل في التعب والخمول والأرق والحرمان من النوم، فضلاً عن آلام الظهر والرقبة، والتهاب العينين، وأيضاً التعرض لمخاطر الإشعاعات الصادرة عن شاشات أجهزة الاتصال الحديثة التي تعد خطيرة نظراً لتأثير المجالات المغناطيسية الصادرة عن الدوائر الإلكترونية والكهربية. ومن الجدير بالذكر أن أول من وضع مصطلح «إدمان الإنترنت» هي عالمة النفس الأمريكية كيمبرلي يونغ التي تعد من أولى أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة هذه الظاهرة في الولاياتالمتحدة منذ عام 1994، وعرفت «يونغ» المصطلح بأنه استخدام الإنترنت أكثر من 38 ساعة أسبوعياً، ولكن هذا التعريف لم يعد ملائماً للعصر الحالي الذي أضحى فيه الإنترنت عاملاً أساسياً في إتمام العمل والعمليات التجارية والحكومية وإدارة الشركات والتواصل مع الموظفين والزبائن في معظم أنحاء العالم.