زرت الفقيد معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد في مقر عمله في وزارة المعارف سابقاً، وزارة التربية والتعليم حالياً، فعرفني، ونهض من مكتبه وعانقني عناقاً حاراً وتقبل نسخة من مؤلفي:"غينيا منذ الاستقلال وحتى اليوم" بفرحة وسرور وتركني بضع ثوان يقلب في الكتاب، قائلاً: أفريقيا قارة منسية - بكل أسف - وها أنت تلقي الضوء على أحد دولها في غرب أفريقيا - بارك الله فيك، وأحسنت فما أجمل التأليف في بلد تحياه عن كثب كسفير لبلدك في الخارج". شكرته على هذه الكلمات الضافية ثم بادرني:بشرني كيف حال الأخ الأستاذ مصطفى - إن شاء الله - بخير وعافية.. أرجوك أن تسلم عليه كثيراً، فهو زميل عزيز كان ملازماً لزميله الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ الذي كان يثني عليه ثناء طيباً، وكان يشعر بفراغ عندما لا يراه فترة طويلة.. أضفت: ابن عمي مصطفى يشعر بنفس الشعور، فقد كنت ارفاقه في بعض الأحيان خاصة في فصل الصيف سواء في مكةالمكرمة أو في مدينة الطائف. ذكرت للفقيد معاناة ابن خالي (علي محمد مردة) الذي يعمل كمدرس في قرية نائية تبعد عن مكةالمكرمة بأكثر من مائة كيلو متر، ووالده مقيم في مكةالمكرمة، ويرغب في نقله بأسرع وقت ممكن لأنه يعاني من القلب والسكر وارتفاع ضغط الدم، قال: امهلني بعض الوقت - إن شاء الله - سننقله في العام الدراسي القادم - بإذن الله . شكرت معاليه، واضفت: المؤلف السعودي - وأنا واحد منهم - نتطلع إلى دعم وتشجيع معاليكم خاصة وأن هناك مكتبات عامة ومدرسية تحتاج إلى تزويدها بمؤلفات تتعلق بالوطن والعلاقات الدولية، واللغة الإنجليزية. قدمت للفقيد قائمة بمؤلفاتي المطبوعة في دائرة الوطن، وفي دائرة العلاقات الدولية، ودائرة الفرد والأسرة والمجتمع، وفي دائرة اللغات.قاطعني الفقيد: ما شاء الله - ابشر سندعمك ونشجعك، كل مؤلفاتكم تفتقر إليها مكتباتنا المدرسية أو العامة ، سيصلك - في البريد في مقر عملك في غينيا طلب أمر الشراء، وكذلك قرار نقل (علي) في العام المقبل، طمئن والده، فحالته تستدعي مساعدته ونقله من مكان عمله الحالي. شكرت معاليه شكراً جزيلاً على اهتمامه في تحقيق رغبة خالي الذي يرغب في نقل ابنه كي يقف إلى جانبه خاصة وأنه أكبر أبنائه الذي يعاني من كبر السن والمرض. ولم تمض سوى فترة لا تتجاوز ثلاث أسابيع وصلني نسخة من قرار نقل ابن خالي (علي) بنقله إلى مكةالمكرمة على البريد السياسي (الحقيبة الدبلوماسية) في مقر عملي في كوناكري. كما وصلني أمر شراء من مؤلفاتي في كل الدوائر قبل انتهاء السنة المالية بقرابة شهرين مع إذن تسليمها إلى مستودع الوزارة في الرياض في أقرب وقت ممكن. عرف الفقيد بخلقه الرفيع، وتواضعه الجم، وبشاشته التي لا تفارق محياه، وسعة صدره في الاستماع إلى كل من يتردد على مكتبه، وتفانيه في خدمة كل من لديه حاجة لا يخرج من مكتبه إلا وقد عرف أن طلبه أو موضوعه منته، فلا حاجة إلى مراجعته مرة أخرى. رحم الله الفقيد رحمة واسعة وأن يسكنه فسيح الجنان، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. "إنا لله وإنا إليه راجعون" صدق الله العظيم.