أصل الشجرة هي جذورها الممتدة في عمق التربة والتي تعطيها الشموخ والتفرعات من الأغصان ثم الثمار – فكلما كان الجذر ثابتا راسخا في تربة صالحة كلما صلحت النبتة ونمت وأعطت الثمر الجيد ؟؟ - وكما أن الشجرة لا تقف عند حد الجذر بل تبني عليه وترتفع - كذلك لا يجب التوقف عند كل ما هو قديم من التراث والعادات والتقاليد ليكون آخر المطاف – بل يجب البناء عليه والاتحاد معه لخلق قيم ابداعية جديدة كما تبني الشجرة كيانا قويا فوق الجذور. والأصالة تأتي بالابداع – فالأصيل هو وليد بيئة قوية صالحة له موهبة التنوع الفكري والثقافي بعيدا عن التعصب الاعمى الذي يؤدي للفتن والتشرذم- بحيث يتعايش الجميع في رفاهية وأمن وسلام . فالأصالة هي جوهر الأشياء بعيدا عن الزيف والتزوير- فالذهب الأصلي هو النقي الخالي من الشوائب – فاذا ما تم طلاء قطعة من المعدن الرخيص بطبقة رقيقة من الذهب فان ذلك لايجعله ذهبا ولو كان ناصع اللمعان – وكما يقال فليس كل ما يلمع ذهبا ؟ من هنا فان الشخص الأصيل هو من تشابه باطنه مع ظاهره بعيدا عن المظاهر الخادعة – ان الانسان الأصيل انما يظهر على حقيقته كما هي - مجبول على الصدق في القول والفعل - بعيدا عن التكلف والتصنع والخداع – لا يحاول الظهور بمظهر يفوق مستواه العلمي أو الأدبي أو الاجتماعي او المادي ولا يدعي بما ليس فيه – ينطلق في تصرفاته وسلوكه من قناعاته وما ترسخ في وجدانه من قيم ومعارف – لا يجيد التشدق والتحذلق بالمحافل الاجتماعية وكأنه فيلسوف زمانه ؟؟ انه انسان واقعي أمين لا يعرف الكذب ولا الدجل .. انسان يعرف معنى الوفاء ويقف عند حدوده لا يتخطاها. أما الانسان البعيد عن الأصالة فهو كالطبل الأجوف يحاول اضفاء البطولات الفارغة على أفعال عادية يقوم بها- ويهول الأمور البسيطة وكأنها مأساة دراماتيكيه أو أحداث هامه تجلب الأنظار او تلفت انتباه الناس اليها ؟؟ انه انسان ضعيف الشخصية ضحل الثقافة عديم الثقة بنفسه - فهو يحاول تعويض هذا النقص بالاثارة وافتعال أحداث وهمية - يتحدث كأنه قد خاض المعارك وسير الجيوش وحاز على الانتصارات – يحاول ارضاء الناس وتملقهم حتى ينال اعجابهم – يحب أن يسمع الناس يتحدثون عنه - ويحب الظهور بشتى الوسائل .يهتم بالقشور ويجيد زخرفتها بعيدا عن جوهر الأمور ، انسان هزلي لا يميل الى الجدية يعيش في الأوهام والأحلام بعيدا عن الحقائق. ان الأصيل هو الانسان السوي الواثق من نفسه - لا يهتز للعواصف ولا يكترث لتقولات المتقولين والحساد وضعاف النفوس – يقول الحقيقة ويظهر بها غير هياب ولا وجل - لا يعرف المداهنة ولا يجيد الحيل - يعتز بشخصيته كما هي ويتفنن في اتقان عمله دون ضجيج .