إنه شهر أيلول، ولا يهمني ما يسميه الآخرون المهم ما نسميه نحن في بلاد الهلال الخصيب حسب التسمية الآرامية منذ آلاف السنين.هو شهر كئيب أول الخريف حيث تتساقط أوراق الشجر، وتصفر النباتات ، وتذوي الأزهار، وتختفي الطيور، وتغيب الفراشات ، وينتشر الغبار الأصفر، وتلطم الأتربة الشرسة الوجوه، وتحل في محاجر العيون ، و تعوي الرياح المريضة .ومن أجل ذلك كله؛ فإن الناس لا يحبونه ، وكثيرا ما يشكونه، ويضربون المثل به في الكآبة والذبول وتعكر الأمزجة رغم قولهم أيلول ذيله مبلول ، ويعتبرونه شهرا ينعدم فيه الجمال ، ويتعاملون معه على أنه شهر الحزن والوحدة، فلا رومانسية الربيع فيه، ولا جلسات الشتاء الحميمة، ولا سهرات الصيف الجميلة وأفراحه المضمخة بروائح الثمار التي تفيض خيرا هذه هي الصورة النمطية الكئيبة لأيلول . ولكن السيدة فيروز أزالت الكآبة عن مُحيّا أيلول ومسحت الحزن عن جبينه بعدما شدت أغنيتها الشهيرة .) ورقو الأصفر) وهي ذات كلمات تفيض شعرية وعذوبة ورقة وهذا بعض من كلمات الأغنية الساحرة : ورئو الأصفر شهر أيلول تحت الشبابيك ذكرني وورئو ذهب مشغول ذكرني فيك رجع أيلول وآنت بعيد بغيمه حزينة قمرها وحيد بصير يبكيني شتي أيلول تأبكي عليك يا حبيبي ليالي شتي أيلول تشبه عنيي عنيي يا ريت الريح إذا انت نسيت حبيبي بأول الخريف وما جيت ينساها الحور وقمرها يغيب وليلا يطول ونبقى حبيبي غريبة وغريب أنا وأيلول " كلمات رائقة الحسن جميلة المعاني تختزن المشاعر ، وتتماهى مع لحن جميل لذيذ يشيع البهجة في النفوس التى جفت مع أيلول وينثر رذاذ الماء على صحراء القلوب ، وصوت ملائكي ليس له من نديد ، واحساس فيروزي مدهش.كل العناصر اجتمعت في هذه الأغنية لتجعل أيلول الكئيب شهر الشاعرية والرومانسية والجمال. لقد استطاعت هذه الأغنية أن ترينا في أيلول ما لم نكن نراه ولا نلمسه ولا نحسه .وها هو أيلول عاد بكل صخبه وذكرياته وصهيله ، ودعوني أقول: وجماله الذي كنا عنه غافلين قبل هذه الأغنية التي دوت كالقنبلة في بداية الثمانينيات من القرن الماضي . فلنرحب بأيلول ونغني مع فيروز : ورئو الأصفر.