ألكساندر كابرون وسارة قريرة بدو النقب من العرب أنصاف الرحّل. وهم يعيشون في صحراء النقب منذ عدة قرون على الأرض التي أصبحت منذ سنة 1948 تشكل إسرائيل. يوم الاثنين 15/تموز ندد ناشطون بما تريد إسرائيل أن تفعله ألا وهو نقل نحو عشرة قرى من قرى هؤلاء البدو ومصادرة مئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي الصحراوية لإعمارها. المتظاهرون نددوا أساسا بمخطط برافر-بيغن المعروض على الكنيست الإسرائيلي والذي ينص على لمّ وإعادة إسكان نحو 40 ألف بدوي يعيشون حاليا في قرى نائية في النقب، وذلك مقابل تعويضات مالية. منذ 1968، شيدت إسرائيل سبع مدن جمعت فيها أكثر من نصف البدو. لكن 45 قرية بدوية رفضت هذه السياسة وأصبحت منذ ذلك الحين خارجة عن القانون في نظر السلطات الإسرائيلية. الدولة العبرية تتهم كذلك البدو بمواصلة البناء دون ترخيص. وتعرض السلطات الإسرائيلية في مخطط برافر-بيغن أن تعيد إسكان الناس في بنايات جديدة دون أن تحدد بالضبط مكان هذه البنايات. ويتراوح مبلغ التعويضات التقديري بين 1.3 و1.8 مليار يورو. وهذا ما ندد به فورا اليمين الإسرائيلي واعتبره مبلغا مبالغا فيه. أما البدو فاعتبروا هذه التعويضات سخيفة ويؤيدهم في ذلك عدة ناشطين من عرب إسرائيل، إذ يرون في ذلك غبنا لهؤلاء البدو. وتظاهر عدة أشخاص في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وعدة مدن إسرائيلية، فيما نظمت بعض المتاجر يوما بلا عمل لمساندة بدو النقب. وفي بئر السبع، المدينة الرئيسية لجنوب إسرائيل التي تضم صحراء النقب، ألقي القبض على 14 شخصا فيما كان المتظاهرون يحاولون سدّ الطريق. وجرح ثلاثة من الشرطة. وقد ألقي القبض على ما مجموعه 28 شخصا. أما أميشاي يوغيف، ممثل منظمة غير حكومية صهيونية في إقليم الجنوب اسمها Regavim وناشط من أجل "حماية الأراضي الإسرائيلية"، فيؤكد أن الأشخاص المتظاهرين هم أساسا ناشطون من الأقليات العربية في إسرائيل وليس بينهم إلا القليل من البدو. ويتهم هؤلاء الناشطين باستخدام هذا الجدل من أجل "خلق الفوضى وتعقيد المشكلة كي لا نجد حلا". ومخطط برافر-بيغن ليس سوى جزء من سياسة موسعة استهلت في سنوات 2000 ونظمت للتخفيف من اكتظاظ الساحل الإسرائيلي. وهي برامج تتضمن تطوير البنيات التحتية خاصة في مجال النقل وتجعل من الصحراء مكانا يمكن السكن فيه. هؤلاء البدو الذين يقدر عددهم بنحو 4 ملايين موجودون أيضا في صحراء سيناء والجزيرة العربية وسوريا وثقافتهم ولهجاتهم عربية ويعيشون أساسا على تربية المواشي والزراعة. ابراهيم الوقيلي بدوي وهو عضو في المجلس الإقليمي لقرى النقب التي لا تعترف بها إسرائيل قال: عددنا الإجمالي 203 آلاف بدوي، إذا احتسبنا المهجّرين [الجيش الإسرائيلي يقوم بمناورات في هذه الصحراء منذ 1968]. واليوم يعيش في النقب 97 ألف، ومنهم 40 ألف يستهدفهم مخطط برافر-بيغن. لكننا نعلم علم اليقين أن الدور سيأتي على الآخرين أيضا. أما القانون الإسرائيلي فيرى أن بعض منازلنا غير قانونية [رسميا إسرائيل لا تعترف بملكية الأراضي في النقب إلا إذا كان المالك قادرا على تقديم وثيقة ثبوتية صادرة عن إدارة الانتداب البريطاني قبل 1921، غير أن القليل من البدو استطاعوا الحصول على هذه الوثيقة]. ومع ذلك فالعديد منا يملك صكوك ملكية تعود إلى العهد العثماني وبعضها يعود تاريخه إلى 300 سنة، أما الآخرون فحصلوا على صكوك ملكية في الثلاثينات في عهد الانتداب البريطاني، لكن إسرائيل لا تعيرها أي قيمة. وأضاف:التعويض يعني أن كل أسرة ستحصل على أرض، لكن هذا لا يتناسب إطلاقا مع أسلوب حياتنا. أرضنا لها قيمة رمزية، إنها ليست مسألة مساحة. عندنا مثلا غرفة في منازلنا نسميها الديوان وهي لاستقبال الغرباء الذين لا يدخلون منازلنا. ونحن نفرق تفريقا واضحا بين المكان الخاص بنا ومكان الضيوف. وهذا التقسيم لن يتوفر في المساكن الجديدة إنْ كانت تشبه القرى السبع التي عرفناها من قبل. دولة إسرائيل تريد توطيننا: سنجد أنفسنا في قرى مبنية على ذوقهم ومحاطين بأشخاص يتحدثون العبرية التي لا يتحدثها معظمنا. سيكون اندماجنا صعبا. فربع البدو يعيشون بفضل المواشي و40% من الزراعة. إنهم يريدون أن ينزعوا منا تقليد تربية المواشي والزراعة. نحن نخاف أن تضيع لهجتنا وتقاليدنا.. في تلك البنايات سنشعر أننا سجناء جسدا وروحا. صحيح أنه في مظاهرات يوم الاثنين رفعت أعلام فلسطين وأن العديد من المتظاهرين لم يكونوا من البدو، إلا أن هذا لا يغير شيئا في المشكلة. الأمر لا يتعلق باستغلال المشكلة سياسيا . وفي الحقيقة، هذه هي الإشكالية نفسها المتمثلة في الاستيلاء على الأراضي وتهجير السكان. نحن نرى أنهم يريدون طردنا. إننا نشعر بأن أرضنا ستؤخذ منا لأغراض توسعية. نحن نعتبر هذا كما لو أصبحت أرضنا محتلة [صحراء النقب تحت الإدارة الإسرائيلية منذ تقسيم 1948].