من الاشتباكات داخل الدول العربية إلى وجود شبكات إرهابية وأخرى تجسسية .. إلى الصراعات الحزبية والحروب المذهبية .. إلى الأخطار الأمنية .. وصولاً إلى الهجرة والهروب إلى خارج المكان بحثاً عن الأمان تحت العراء.. وترقب حذر في كل الاماكن. هكذا تبدو صورة مؤلمة للوطن العربي في مرحلة هي الأكثر إيلاماً في تاريخه الحديث.. مرحلة تختصر في أيامها اخباراً لم تكن في الحسبان .. ومآسي تجاوزت ما لم يحصل على مدى مسافات الأزمان!! مشهد العالم العربي اليوم تدوخ أمامه الأسئلة .. وتنتحر أمامه الاجابات .. ويبقى رجع الصدى حزناً ينتظر المصير. قضايا الأمة العربية مع الآخرين تم «تحنيطها في زفة» الموت بعد سقوطها من منابر الكلام .. وبعد الانتقال إلى ما هو أسوأ!! مرحلة أخجلت الاحتجاج العربي ضد قتل إسرائيل للفلسطينيين في معادلة سحق بعض الأنظمة العربية لشعوبها بدم بارد.. وبكل انواع الاسلحة .. شعوب كانت ومازالت تنتظر لقمة العيش بدلاً من رصاصة الموت! أمة عربية أغرقت كثيراً في كتابة النص ما بين القصيدة والخطابة .. في اسهاب طويل من تاريخها المليء بالاسقاطات النضالية نحو التحديات الخارجية والعدو المشترك, ثم عادت النار لتأكل بعضها عندما لم تجد ما تأكلة .. ويطيح الحطب بكل شعاراتها .. ويكتب التاريخ أكثر من نص جديد على الاطلال وجدران الهزيمة من الداخل!! ولا عزاء لمن يحتمي من الهجير بالشفق .. ولا عزاء لمن تغنوا بالبطولات العربية .. ولا عزاء لمن انتظروا ديمقراطية هي ضمن سلسلة المحرمات. مرحلة تفرض شماتة العدو .بل تستدعي مشاركته ليكون صديقاً وجزءاً من الحلول. في مشهد يترحم على الاستعمار امام بطش بعض الأنظمة . وكأنهم يرددون «نارك ولا جنة اهلي». وهنا تذكرت ذلك الرجل العربي العجوز الانيق الذي التقيته في بهو احد فنادق باريس .. سألته بعد ان أعرب عن حبه للفرنسيين. كيف يكون الحب لمن استعمروا أرضكم وأخرجتموهم بالشهداء؟ فما كان منه إلاَّ ان قال : في ذلك الوقت كنا نقول لهم: خذوا أولادنا واعطونا الوطن. وبعد تجربة الانظمة الدكتاتورية أصبحنا نقول للأخيرة .. اعطونا أولادنا وخذوا الوطن كي نهرب من هنا!! واليوم وأمام المنعطف الخطير في المشهد العربي بكل اشتباكاته القتالية وتعدد أحزابه السياسية والمذهبية إلى آخر منظومة في حصر قضاياه الاجتماعية والانسانية. كيف يمكن مواجهة اخطار المرحلة القادمة للأمة العربية؟ سؤال احيله إلى ما قلته في منتصف الكلام ليكون ضمن الكثير من الاسئلة التي تدوخ أمام الواقع العربي .. وتنتحر أمامها كل الاجوبة!! [email protected] Twitter:@NasserAL_Shehry