في مدينة دبي تبدأ غداً الاثنين اعمال مؤتمر مؤسسة الفكر العربي في نسخته العاشرة تحت عنوان ماذا بعد الربيع العربي؟ هكذا يأتي محور اللقاء في ظروف عربية مختلفة.. وفي مشهد سياسي أكثر اختلافاً. غداً سيجد المهتمون بالشأن العربي من كتاب ومفكرين انهم أمام مسؤولية الرأي بكل ابعاده أمام حجم محور اللقاء ومدى تأثيره في فكر شباب هذه الأمة. وبالتالي فإن ما أتمناه ان يحظى المؤتمر بالطرح الذي يرتهن إلى القراءة الواعية لمسؤولية المرحلة بكل تفاصيلها العقائدية والسياسية والأمنية والاقتصادية إضافة الى تأثيرها في التركيبة الاجتماعية داخل دول تجربة الثورات من ناحية والعلاقات العربية - العربية من الناحية الاخرى. وذلك عند توريث سؤال: من الذي كان مع من؟ .. ومن الذي كان ضد من؟!! وهو سؤال لا مناص منه. ولا يمكن شطبه من ذاكرة التاريخ. وقد تأتي اجابات تختلف باختلاف الانقسام الداخلي والخارجي.. اجابات تدوخ ما بين المنصفة والظالمة.. وما بين الواعية والمجتهدة وأخرى جاهلة لا تعرف خارطة تضاريس القضية. ما أتمناه ايضاً في اللقاء العاشر لمؤسسة الفكر العربي في دبي ألا ننطلق من رداء العاطفة نحو الميادين.. ولا توظيف الانتماء للأحزاب أو للأنظمة من خلال الاطروحات المتشنجة في محاولة للقفز من فوق محور اللقاء إلى تصفية حسابات لمصلحة خطاب سياسي لا يخدم القضية. صحيح ان التغيير كان مطلوباً في بعض الانظمة.. ولكنه كان مقابل ثمن كبير كلف الشعوب ما هو اكبر.. بل تم فتح باب صراعات ايدلوجية تفرض ترقباً مخيفاً لنتائجها! مرة ثالثة وعاشرة.. ما اتمناه ان يكون التركيز في دبي غدا على اهمية الاصلاح داخل الانظمة العربية. ودعوة الحكومات إلى معالجة الاوضاع الاقتصادية.. وفرض العدالة الاجتماعية.. وهي الهموم التي كانت بمثابة «الثدي» الذي أرضع شباب الثورات.. كما نأمل ان يعمل المؤتمر على تبني خطاب يدعو إلى رفع مستوى الوعي لدى الشباب العربي تجاه المفهوم الحقيقي لممارسة الديمقراطية.. والتأكيد على ان القضية ليست مختزلة في التخلص من حاكم والمجيء بآخر .. بقدر ما تحتاج الأمة الى المشاركة في التنمية المستدامة بكل ما تعنيه من البناء الذاتي.. والشمولي خاصة اذا ما ادركنا انه ليس من المضمون ان تمطر السماء ذهباً بعد التغيير!! ومن ثم اعتقد اننا بحاجة الى البعد عن خطاب الانفعال العاطفي تجاه الثورات العربية والتحريض على صراع الأجيال والاغراق في انهار الدماء.. دون قراءة متأنية في حجم التجربة بكل أبعادها. [email protected]