ما زلت اتذكر ما كان قاله الكاتب السعودي الساخر محمد الحساني ذات مرة , عندما ذكرنا بما كان عليه أجدادنا , من الحرص على حفظ النعمة ونبذ الإسراف, فالواحد منهم كان يلح على إبنائه إلحاحاً وهو يعلمهم و" يشرّبهم " ثقافة الترشيد من خلال العبارة الشهيرة: "طفي اللمبة يا - ولد". الآن تبدل الحال – مع الأسف , ونسينا توصيات الآباء والأجداد , وتماهى الكثير منا مع سلوك الإسراف في الكثير من معطيات الحياة , وصار " يبعزقها " يميناً وشمالاً, ومن ذلك بالطبع الكهرباء التي كان لها حظها من الإسراف على أيدي عدد ليس قليل منا. وأظن ذلك يعود الى أمرين: أولهما أن جيل اليوم ولد في عصر الرفاهية , ولم يعرف لسعة الحر ولا قرصة القرّ , تلكما التي عاشها أجدانا , ولذلك فكثير من جيل اليوم يمعن في الاسراف حتى الثمالة .. والأمر الثاني : أن سعر الكهرباء هو ولله الحمد في متناول الجميع, ويصل للمشترك بأقل من قيمة التكلفة نتيجة الدعم الحكومي. كل ما تقدم تذكرته خلال «ملتقى الإعلام الكهربائي الثاني» الذي أقامته الشركة السعودية للكهرباء مؤخرا بمدينة جدة وعلى مدى ثلاثة أيام , وجمعت على ضفافه حشداً من الاعلاميين الذين انصتوا الى سلسلة محاضرات متنوعة عما يمكن أن اقول عنه إنه " ثقافة الكهرباء ". وخلال الملتقى فهمت أن الشركة السعودية للكهرباء, بصدد التماهي أكثر مع المجتمع ضمن استراتيجية واضحة الأطر, ترمي إلى التأكيد على حزمة من الخدمات والثقات التي يتعين أن تكون سائدة بين مشتركيها. ومن ذلك بناء قاعدة بيانات ضخمة لمشتركيها الذين تجاوز عددهم الستة ملايين مشترك ليشمل اسم المشترك ورقم الهوية وما يتعلق بمعلومات التواصل معه سواء عن طريق الجوال أو الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني وغيرها من خدمات التواصل الحديثة تمهيدًا لإعداد الاتفاقيات الخاصة مع طالبي الخدمة والمتعلقة بإيصال الخدمة الكهربائية وما يرتبط بها من حقوق وواجبات. وركز خبراء الشركة خلال الملتقى على أهمية العزل الحراري للمباني , ضمن خطة ترمي إلى تخفيض حجم الاستهلاك سنوياً بمليارات الريالات, في حالة تطبيق أنظمة العزل الحراري في المباني، بعد أن ألزمت الشركة كافة الجهات ذات العلاقة والأفراد على تطبيق العزل منذ فبراير الماضي شريطة توصيل التيار الكهربائي. وبدأت الشركة في هذا الصدد التنسيق مع وزارة الإسكان بعد توليها ملف السكن لتتخذ إجراءات العزل الحراري في المباني، ضمن توجهات وسياسات العزل، حيث إن ذلك سيوفر 40 في المائة من فاتورة الكهرباء للتكييف والتدفئة وتقليل سعة وقدرة أجهزة التكييف بالمبنى وحماية المباني من التشققات إضافة إلى تقليل هدر الطاقة في وقت وصل فيه النمو على الكهرباء لما يقارب 8 في المائة 2011 بينما لا يتجاوز هذا الطلب 2 في المائة في الكثير من الدول الصناعية المتقدمة. وفي كل الأحوال فإن الإعلام بدوره التوعوي من ناحية, والمشتركين بدورهم الترشيدي واستجابتهم لبرامج الشركة من الناحية الاخرى, سيكونون أذرعاً مهمة في الاستراتيجية العامة للشركة, على نحو يحقق جودة المنتج واستدامته, وتقليل مخاطره وحوادثه, وزيادة الإفادة من هذه النعمة, ليتحقق شعار"طاقة مثمرة" في أبهى صوره .