طالعتنا هذا الأسبوع الأحوال الجوية ببشائر الخير والبركة وهطول الأمطار, ذلك الأمر الذي دعا مناطق نزولها إلى تعليق الدراسة, ملتزمين في ذلك بما يصدر من تحذيرات الأرصاد الجوية, وقد بادرة الوزارة إلى منح تلك الصلاحية لمدراء التعليم حرصاً على سلامة وأمن أبنائنا الطلاب. وتزامناً مع هذا الحدث بدأت مواقع التواصل بالتعليق على هذا الخبر, ولعل أطرف وأصدق تلك التعليقات التي قرأتها, هو ذلك الذي يقول فيه كاتبه: «ندعوا الله أن يسقينا الغيث وينزل علينا المطر, فإذا جاءنا الخير؛ تم تعليق الدراسة بسبب سوء الأحوال الجوية, والحقيقة أنه بسبب سوء البنية التحتية», وأظن هذه العبارة تختصر كثيراً مما يمكن أن يقال في هذا المقام, فالدول التي تعيش أغلب أيام السنة ما بين الأمطار والثلوج لا تتوقف فيها الدراسة؛ لأن بنيتها التحتية مصممة لتحمل ما نسميه عندنا سوءًا للأحوال الجوية, وفق دراسات حقيقية, ومنفذين لا يهمهم إلا مصلحة بلدانهم. المهم يا سادة حدث ما حدث, وعلق من علق الدراسة, إلا إن تعليم عسير لم يفعل ذلك برغم التحذيرات التي تم إطلاقها, ذلك الأمر الذي جعل طالبات المدارس وطلبتها يأخذون حماماً تحت المطر أثناء عودتهم من المدرسة, إذ إن المطر عادةً في عسير لا يهطل إلا في وقت الظهيرة, وهو الوقت المعلوم لعودة الأبناء من مدارسهم, صحيح أن اليوم يبدأ صحواً كعادته, لكنه ما يلبث أن تتجمع غيومه وتهطل أمطاره الغزيرة في لمح البصر, وقد شهدت وصورت مناظر لطالبات وطلاب من أطفال المرحلة الابتدائية يكابدون حمل حقائبهم المدرسية تحت وابل المطر وقد انهكتهم زخاته المتزايدة, منظرٌ لا أظن أحداً يحتمل رؤيته فضلاً عن أبٍ أو أمٍ يريان صغارهم في تلك الحال السيئة, وكل ذلك يأتِ بسبب سوء التقدير ممن كان خليقاً بهم أن يجعلوا أمن وسلامة الطلبة أولى أولوياتهم, مستلهمين أمامهم تضاريس منطقتهم المتنوعة والمتباينة, ما بين السهل والجبل والوادي الذي سيصبح خطراً كبيراً في حال جريانه, ومروره بالأماكن المأهولة بالناس والمدارس, ومعلومٌ في أودية عسير السحيقة أنه قد يأتِ دون سابق انذار أو حتى هطولٍ للمطر, وهو ما أسماه الدفاع المدني أثناء إطلاقه للتحذيرات بمصطلح «السيول المنقولة». لا بد لساسة التعليم في عسير, وصناع قراره, أن يقتربوا من هموم الناس, ويدركوا مخاوفهم على فلذات أكبادهم, عن طريق الفهم والدراية بمناخ المكان, وظروفه المتغيرة بسرعة, والمختلفة عن الغير, حتى يتمكنوا من صياغة وصناعة قرارٍ يجنب الأبناء مخاطر غير محمودة إن هم أحكموا إصرارهم على قناعاتهم ولا سواها, سلَّم الله الجميع.