كانت معركة الكرامة في يوم 21 /3/ 1968م على ضفاف نهر الأردن أول نصر لنا في العصر الحديث وبه تغنينا كثيرا وسعدنا كثيرا وهو النصر الذي سحقنا فيه العديد من دبابات الأعداء الذي كان قد مرّغ أنوفنا بوحل الهزيمة عام 1948م وعام 1956م ثم في عام 1967م، وها نحن نجرعه من نفس الكأس المرّ كالعلقم في عام 1968م ومن يومذاك أطلت انتصاراتنا. لم يكن نصرنا في يوم الكرامة سهلا وبثمن قليل!! لقد استشهد لنا في ذلك اليوم 34 جنديا من الجيش الأردني الحبيب وقرابة 26 جنديا من قوات جيش التحرير الفلسطيني الأبطال واستشهد لنا مئة وثلاثون جنديا ومقاتلا من فدائيي حركة فتح (رجال العاصفة) قمنا بدفن حوالي 36 فدائيا منهم في مقبرة الشهداء بعمان مع إخوانهم جنود جيش الأردن البواسل، بينما دفنّا في قبر جماعي بساحة المعركة في الكرامة أكثر من مئة شهيد معظمهم مجهولو الهوية من ضمنهم بعض الشباب المزارعين في منطقة الكرامة رحمهم الله جميعا فلقد شيدوا لنا جميعا صرح العزة والكرامة والنصر في تلك المعركة التي سجلت لنا أول نصر في العصر الحديث على اليهود الغزاة، وبعضهم بقي جثمانه مربوطا بالسلاسل بمقود إحدى دباباتهم المحترقة أو المعطلة التي وضعتها حكومة الأردن في الساحة الهاشمية وقد اعتلى ملك الأردن هيكل إحداها وصاح رحمه الله في جمهور المحتشدين جلالة الحسين بن طلال بأعلى صوته فرحا سعيدا: كلنا فدائيون! كان ذلك اليوم رائعا موشى بزينة النصر الذي حظي به العرب جميعا بعد هزيمة 1967م ومن يومذاك صرنا نحتفي بذكرى الانتصارات التي غابت عنا طويلا، وها نحن بدأنا عهد الانتصارات بإذن الله وصار العدو يحسب لنا حسابا. ولقد أقام الجيش العربي الأردني صرحا لتخليد هذه المعركة في ساحة الكرامة ليحيي ذكرى هذا النصر ومعه من يحضر سنويا من العرب. وإننا في هذه الذكرى الخالدة لنحيي كل من صنعوا هذا النصر العظيم الذي حققه الأبطال من الجيش العربي الأردني وثوار حركة فتح أبطال العاصفة وجنود قوات التحرير الشعبية التابعة لجيش التحرير الفلسطيني ومن شارك معهم في صنع هذا النصر الذي نعتز به جميعا ونرفع رؤوسنا شامخة كرماء أعزاء جعلنا بني إسرائيل ينحنون أمام الجندي العربي ويطأطئون رؤوسهم ويحسبون له ألف حساب كلما حدثت مواجهة مع هذا الجندي ويفكرون في الهروب من المواجهة خوفا من الموت وتكرار معركة الكرامة. وفي الكرامة حطمنا أسطورة الجندي اليهودي الذي لا يهزم أبدا وبشرنا العرب جميعا بإمكانية هزيمة إسرائيل والعودة إلى فلسطين المقدسة يوما ما وذلك نصر من الله ألا بنصر الله تطمئن القلوب.