كل شيء في هذه الحياة خلق بمقدار معلوم عند المولى جل وعلا في لوح محفوظ لا يعلمه إلا سبحانه جل في علاه كتب فيه الله مقادير الخلق قبل أن يخلقهم وهو مستودع مشيئاته. وتقدير عام لكل ما هو كائن إلى يوم القيامة, فاللَّه "َ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " و قوله تعالى (ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب) وقوله (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها). أما البشر فكل أمورهم الحياتية وإنجازاتهم العادية والمهمة مسجلة بحبر على ورق في ما يسمى بالشهادات, فعندما يولد الطفل يحصل على أول شهادة في حياته ألا وهي شهادة الميلاد وعندما يبدأ يكبر ويدرس يحصل على شهادة نجاح وقد يحصل على شهادة تفوق أيضاً وتتوالى السنوات تلو السنوات وتتوالى معها الشهادات تلو الشهادات إلى أن يتخرج من الجامعة ولا يكتفي بهدا القدر من العلم والشهادات فكلما نضجت عقلية المرء كلما زاد حبه للعلم وزاد حرصه في الحصول على أكبر قدر من الشهادات والإقبال على الحياة بأن يصل لأعلى المراكز, وبعد شهادات الدراسة والتخرج يأتي وقت الجد والعمل ليثبت المرء وجوده وتأتي بعدها شهادة الخبرة, ويستمر في حضور الدورات والمحاضرات بغية الحصول على الشهادات, وهكذا هي حياة المرء يظل في تطوير دائم لنفسه ويسعد بكل شهادة يحصل عليها وهو يحملها بين يديه ويحتفظ بها في ملفاته ويبقى يراها ويقلب فيها وهو يتذكر ماعاناه من صعاب قبل أن يحصل عليها وتغمره عندها السعادة وهي بين يديه خصوصاً بعد أن تقلد منصباً يليق بتعليمه, وتستمر أيامه هكذا ويستمر طمعه في العلم والعمل إلى أن تنتهي حياته بآخر شهادة ألا وهي شهادة الوفاة هذه الشهادة الوحيدة التي لن يراها المرء بنفسه ولن يسعد برؤيتها أهله, فأحسن اللهم بالخير أعمالنا واحرص أخي المسلم أختي المسلمة على العمل الصالح لهذا اليوم فالحياة ماهي إلا ممر لدار المقر. جدة