هل يحق لنا لوم هوليوود إذا ما سعت جاهدة لترسيخ قيم المجتمع الأمريكي عبر أفلامها ؟ أليس هذا أقل الواجب الذي يمكن أن تقدمه لمجتمع هي تنتمي له أصلاً ؟ منذ أواخر الستينات من القرن الماضي بدأت السينما الأمريكية تتسيد الصناعة السينمائية على مستوى العالم سيما بعد أن انتهجت المنهج النقدي للواقع الذي تطغى عليه نزعة الظلم والاستبداد وبث الكراهية ، وإلى اليوم وهي لا تزال تعزف على هذا الوتر آخذة في التأكيد على أن المستهدف من كل تلك الشرور إنما هو المجتمع الأمريكي دوناً عن بقية المجتمعات ، ومن ينظر للأمر بشيء من الإنصاف لابد وأن يقول أن هذا حقها ، إذ من السخف أن نطلب من هوليود العمل على تصوير المجتمع الأمريكي على أنه مصدر لتلك الشرور ، ولا أدري لماذا البعض في مجتمعاتنا يصفون الأمر بأنه غسل لأدمغة شبابنا وبناتنا لتكون مهيأة للمشاريع الإمبريالية في حين لا نجد منهم من يدعو لتأسيس صناعة سينمائية ذات قيمة واعتبار ووجود ، تأخذ على عاتقها مهمة ممارسة ذات الدور بذات الجودة لمجابهة هذا الخطر إن كان ثمة خطر كما يصفون. إن ما نراه في أفلامنا العربية لا يخرج عن مضامين عفا عليها الزمن ولا ترقى لأن تخاطب المجتمعات البدائية فضلاً عن أن تكون ذات هدف ورسالة ، فلم أر فيلماً واحداً يقول للمجتمع الأمريكي أن سياستكم تقتلنا ولا زالت تبارك قتل آلاف منا ، أو فيلماً يقنع المجتمع الغربي أن تنامي الفقر في العالم سببه الأطماع الرأسمالية ولعبة العرض والطلب التي تتبناها الشركات الأمريكية المهيمنة على الأسواق العالمية ، باختصار .. أفلامنا لا تعبر عن الواقع بالشكل الذي يؤثر ويغير رغم توافر الأدوات والطاقات ورؤوس الأموال. لو كنت أمريكياً لرفعت القبعة لهوليوود احتراماً وتقديراً لنجاحها في رسم ملامح الشخصية الأمريكية داخل أذهان معظم المجتمعات الأخرى التي تتابع أفلامها بشغف ولهفة شديدتين ، يكفي أنها صورت الشخص الأمريكي على أنه مزيج من القوة والذكاء والعبقرية ، زد على ذلك سرعة البديهة وحبه لفعل الخير ، وأنه جبل على التضحية والإيثار والقدرة على مساعدة المحتاجين في أي زمان وفي كل مكان ، مهما اعترت طريقه العقوبات وحاولت أن تمنعه عن ذلك أعتى التحديات ، وهو ( أي الأمريكي ) علاوة على كل ما سبق شخصية خفيفة الظل ..جذابة .. أنيقة تتمتع بصفات الكبرياء والثقة بالنفس ، وأن القبح والشر والخطر وقلة الذوق والعبث والفوضى والكراهية والعنف وغيرها من صفات بغيضة هو فقط من يحاربها ويجاهد لدحضها عن العالم حتى لو اضطر لغزوها في عقر مصادرها ، وبالطبع فإن المنطقة العربية تأتي على رأس تلك المصادر ، لكن في نهاية المطاف يظل هذا رأيهم .. رأيهم السينمائي. فأين رأينا السينمائي نحن ؟ صم بكم لا رأي لنا .. سوى أن نلعن هوليوود آناء الليل وأطراف النهار ، أليس الأجدر أن نلوم تقاعسنا عن الاستفادة من هذا الفن لخدمة قيمنا ومفاهيمنا - على الأقل- لنقول من خلاله ما لا تستطيع قوله السياسة العربية ؟ أم أننا ألفنا دور الضحية حتى في هذه أيضاً ؟. twitter: @ad_alshihri