لقد خلقنا الله عز وجل مختلفي الوجوه، والقامات، والبصمات، والأفكار فإذا ماتقاربت أفكار بعض البشر من بعض. كانت النواة الأولى لما يسمى صداقة. يتولد عنها او منها ميل يقوي أواصرها ويرسي جسورا من المحبة والألفة والثقة التي تستلزم الوفاء. والوفاء والاخلاص كلمتان أصبحتا في بطون الكتب التي ينبعث منها رائحة الزمن أو في المتاحف التي تعبر عن زمن ولى. أما العطاء والتضحية فهما ركيزتا الصداقة. ولكن هناك الكثير ممن لا يعرف العطاء انما تعود مع صديقه أن يكون هو المعطاء. فيضع مشاكله على اهم أولوياته، ويصرف شؤونه فإذا تطلب الأمر يوما أن يعطي هو أو يضحي من أجل صديقه ولى مدبرا ولم يعقب حتى يختلق الأعذار فتحدث الهوة وتتقلب القلوب وتستعر النار حتى يصبح صديق الأمس هو بعينه عدو اليوم.. فيخوض حربا ضروسا تستخدم فيها كل الأسلحة المحرمة في الصداقة من افشاء أسراره وتشويه صورته واستفزازه بكل السبل كي ينزلق الى ما انزلق اليه الآخر. ننظر الى الصديق نظرة غير واقعية فنعتبره ملاكا لا يخطيء ولكنه في الحقيقة بشر ورود الخطأ طبيعة يحظى بها جميع البشر. فلماذا ان أخطأ الصديق تقام المحاكمات وتصدر الأحكام بموجب قوانين جائرة ومن يطلق هذه الأحكام ألم يخطيء من قبل ألن يخطيء من بعد؟؟ لماذا لا نتذكر لهذا الآخر ما قدمه في مشوار الصداقة؟؟؟ أم ان ما صنعه ذهب أدراج الرياح.. نتعصب لرأينا حتى يعمينا عن الحقيقة فلربما ما نراه نحن خطأ هو خارج عن ارادة وسطوة هذا فليس كل أمر بأيدينا. وليس كل فعل ينضوي تحت مانريد.. أو أنه أخطأ فلا ريب أننا كنا جزءا من هذا الخطأ بقصد أو بدونه. فإنه بالأول والأخير هو ينتمي لنا عندما منحناه صفة صديق... فيا أيها الأصدقاء فلنتعامل بمنطق أننا بشر نصيب ونخطيء وليس فينا ولا منا من يملك جناحي ملاك أو خلق من نور. والى كل صديق كان بالأمس وأصبح يصنع بأفعاله وأقواله عدو اليوم لن تجني مما تصنع الا سواد بالقلب بعدما كان أبيض نمدحه. . ستلتهمك النار التي توقدها حتى تأتي على كل جميل لديك فالنار لا تبقي ولا تذر.. الا رمادا يسوء الناظرين.. وربما نصنع من أوهامنا حقيقة نعيش فيها ونتعامل من خلالها ونؤمن بها.. لكننا ان وقفنا مع أنفسنا لحظات صدق وشفافية ستتغير وتتبدد الكثير من هذه الأوهام التي وجدت صدى ورغبة منا لتصديقها..