لو طلب منك رئيسك في العمل مهامًا يستغرق إتمامها ساعة يومياً لمدة أسبوع لتمكنت من التصرف لخلق هذه الساعة مهما ازدحم يومك، لو تعرض قريبك لحادث لتمكنت من إيجاد الوقت لعيادته في المستشفى يومياً حتى يتعافى، لو أصبت بمرض يعالَج بالرياضة لوجدت الوقت لممارستها بانتظام. ستتمكن من القيام بالأنشطة أعلاه مع حفاظك على مواعيد الصلوات، لن يخلو جدولك هذا من النوم والأكل وغير ذلك من الأساسيات، بل قد تتمكن من القيام ببعض الكماليات كالاطلاع على مواقع التواصل الاجتماعي، ستجد الوقت لاشتهاء قطعة حلوى من مقهى بعينه تشد رحالك إليه، وربما توقفت أثناء طريقك عند محل حلاقة لتغيير قَصة شعرك بلا مناسبة. أحاول تفادي استخدام عبارة "ماعندي وقت" لأنني أسمعها من أكثر الناس تضييعاً للوقت ولا أكاد أسمعها من أكثرهم إنجازاً، رغم أن الوقت هو ذاته لدى الطرفين، لعل الترجمة النفسية لجملة "ماعندي وقت" هي "ليس لدي الدافع لإيجاد الوقت" أو "أتكاسل عن بذل الجهد لإتمام هذا الأمر". كثيراً ما يُحَدث الإنسان نفسه بعبارات مثل: "الوقت ضيق"، و "لا بركة فيه"، وغير ذلك من القناعات التي نزرعها في مجتمعاتنا بترديدها بشكل مكثف لنبرر بها سوء إدارتنا للوقت، ونحن بذلك نجذب مزيداً من الانشغال المفتعل الذي لا إنجازات تذكر من ورائه، الانشغال الإيجابي يقاس بالأمور المنجزة لا بمجرد مرور الوقت، فالوقت مار لامحالة، يقول المخترع توماس أديسون "كونك مشغولاً لا يعني دائماً قيامك بعمل حقيقي". التعذر بالانشغال لتبرير الخيارات الرديئة في الحياة أمر يقع فيه الجميع، قد ينشغل شخص عن السؤال بشكل أكبر عن المرأة التي يود الاقتران بها فيدفع ثمن انشغاله هذا عمراً من التعاسة وربما وجد متسعاً من الوقت فيما بعد للجوء إلى خدمات الاستشارات العائلية، كم من شخص وقع فريسة السمنة لادعائه الانشغال عن الرياضة، وكم أصيب أفراد بأمراض مزمنة لتعذرهم بالانشغال عن شراء الطعام الصحي واستبداله بالوجبات السريعة، رغم أنهم بعد أن يصابوا بالأمراض سيجدون للعلاج أو الرياضة وقتاً يومياً أطول مما قد تستغرقه الرياضة وإعداد الطعام الصحي على مدى السنوات السابقة. يقول الكاتب الصيني لين يوتانغ "المشغول ليس حكيماً و الحكيم ليس مشغولاً" ، وإن لم تجد في نفسك الحكمة الفطرية لإدارة وقتك فبإمكانك اكتساب مهارات إدارة الوقت عن طريق الدورات أو الكتب وغير ذلك، سيكون من الطريف حقاً لو كان الرد على هذا الاقتراح : "ماعندي وقت".