ليس هناك شكٌ أنّ كل عملٍ لا يطاله النقد هو عملٌ لا جدوى منه ولا أمل وراءه,ولذلك كان النقد هو الأداة التي تدفع العمل الناجح لمزيد من النجاح والعمل المتعثر للمراجعة والتقويم,ولا يمكن أن يزدهر مجتمعٌ من المجتمعات دون تنمية الأدوات النقدية وتشجيعها والنأي بها عن الأهداف الصغيرة والمماحكات السخيفة,فالنقد ليس معارضةً وليس موالاةً بل هو عملٌ تقييمي بحت يقوم به الراصد الذي يملك أدوات الحكم على أمرٍ من الأمور,وحينما يكون الأمر من الشأن العام فهو أحوج للنقد وأدعى له,وعلى من يمس النقد عمله أن يتقبل ذلك وأن يستفيد منه,بل يجب عليه أن يفرح بذلك فهذا النقد الذي يمثل تغذيةً عكسية بالنسبة له مما يمكنه من معرفة أصداء عمله ومدى نجاحه كما أنّ هذا النقد سيتيح له رؤية الأمر من عدة زوايا مختلفة مما يساهم في إثراء عمله وتعميق نظرته وليس يشك في ذلك منصف.وفي ظل تنامي الإعلام الجديد واكتساحه لكل المناطق التي تمس الناس أصبح الجميع ناقداً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي, وأصبح كل عمل محل التقييم والمقارنة والمقاربات المختلفة والواسعة,ولا شك أنّ ذلك في مجمله أمرٌ ايجابي ولكن هذا لا يعني أنّ كل مايطرح أمرٌ صحيح أو حكمٌ صائب,ولذلك يجب التفريق بين الآراء الانفعالية وبين الأحكام المعرفية التي تعتمد على أسسٍ منطقيةٍ من مقدماتٍ صائبةٍ وقياساتٍ دقيقةٍ وصولاً إلى النتائج المنطقية,ومن المهم التنبيه على أمرٍ مهم وهو أنّ من يتصدى لتقييمٍ أمرٍ ما يجب أن يكون متجرداً بالمعني المعرفي للتجرد, كما يجب أن يكون مؤهلاً تأهيلاً معرفياً فيما يتعلق بالموضوع محل التقييم والحكم,ولا شك عندي أنّ غالبية من ينتقد بعض الأجهزة الحكومية أو القائمين عليها هم من المواطنين الصالحين الذين يهدفون للارتقاء بوطنهم,ولذلك ينبغي عدم القلق أو التذمر من تعالي النفس النقدي في مجتمعنا بل يجب تشجيع ذلك وتنميته عن طريق زيادة سقف الحرية وتنمية الحاسة النقدية عن طريق مناهج التعليم وخطابات النخبة المؤثرة حتى نصل إلى المرحلة التي نجد فيها نقداً معرفياً في أوساط الناس وفي مواقع تواصلهم لضمان خضوع مشروعنا الوطني والتنموي إلى النقد الذي يقوم الأداء ويرتقي به لنبني وطناً يليق بنا ونليق به. Twitter: @knfalamri