القمّة الأوروبية التي انعقدت في بروكسل، يمكن اعتبارها من القمم الأكثر تجسيداً للشعار الذي يرفعه الاتحاد الأوروبي في كل المناسبات.إنه شعار "التعدّدية في الوحدة". وإذا كانت "الوحدة" في قاموس الاتحاد الأوروبي تعتبر من المفردات المحورية، أو قل مبدأ احترامها غالباً ما يؤخر أو يوجه العمل المشترك، ولكن دون أن يعطله.وهذا ما حصل في قمّة آخر السنة، التي جاءت تتويجاً لأعمال وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي التي أسفرت عن اتفاق بشأن آلية الرقابة المصرفية المشتركة، المحطة الأهم على طريق قيام الاتحاد المصرفي الأوروبي.فالاتفاق على إنشاء آلية الرقابة المصرفية ولاسيما في منطقة اليورو، جاء على أثر تسويةٍ، توصّل إليها جميع وزراء مال الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.وبموجب هذه التسوية، لم يفرض على الجميع الانضمام إلى الآلية المصرفية الأوروبية الجديدة، فاقتصر عدد أعضائها على أربعةٍ وعشرين، لأن بريطانيا والسويد والجمهورية التشيكية فضلت البقاء خارجها.وعليه، فإن التسوية التي سمحت لدول منطقة اليورو وبمشاركة سبع دول أخرى المضي قدماً على طريق المزيد من الاندماج الاقتصادي والمالي، كرّست نظرية القائلين بوجود اتحادٍ أوروبي وإنما "بمنازل عدّة". فالاتحاد المصرفي، بآلية رقابته المشتركة، ليس الأوّل من نوعه وعلى الأرجح أنه لن يكون الأخير في عائلة الاتحاد الأوروبي. فهناك مجموعة اليورو أو الاتحاد الاقتصادي والنقدي بدوله السبع عشرة، وهناك دول الاتحاد الموقعة على المعاهدة المالية وهي خمس وعشرون دولة، وهناك دول فضاء شنغن الاثنتان والعشرون(من الاتحاد الأوروبي)، وهناك مجموعات وتكتلات أخرى، دفاعية وقانونية وضريبية .. ولكنها، وإن شكلت مجموعة اتحاداتٍ في اتحادٍ واحد...إلا أنها تواصل، جميعاً، تقدّمها من أجل تحقيق هدفٍ واحد ومصلحةٍ مشتركة عنوانها: المواطن الأوروبي.