ليس هذا دفاعاً عن (الهيئة)، بل عن (الصحافة)..أمانةِ الكلمة و مسؤوليةِ الحقيقة. جاء قرار لجنة المخالفات الصحفية تبرئةَ أعضاء (الهيئة) من مطاردةٍ بالمدينة المنورة أوْدتْ بحياة أربعةٍ و إلزامَ الصحيفة (الزميلة) بالتعويض والاعتذار عن تزوير الحقيقة، جاء صادماً لمهنة المتاعب. لأنها من الحالات النادرة، إنْ لم تكن الأولى، التي تُثبتُ إدانتَها. و إنصافاً، فالمهنةُ عموماً كانت آنذاك ضحيةَ حقبةٍ استهدفتْ (هيئةَ الأمر بالمعروف) بمبدأ (إضربْها و فرِّقْ دمَها بين القبائل فلن يبحث عن الحقيقة أحد). فتنافستْ في ذلك غالبيةُ الصحف، دون وعيٍ أن تدمير مصداقيةِ المهنةِ معولُ هدمٍ لركنِ أمنٍ وطنيٍ منيع. فهي المصدر الأهمُّ لتوجيه الرأي العام، خاصةً ساعاتِ العُسرة. فإنْ فقدتْ ثقتَه كان بديلَها إعلامٌ خارجيٌ موبوءٌ و مُغرِّض. إذا حرَّفَ الوقائعَ صحفيٌ أو كاتبٌ فقد دقَّ مسماراً في نعشِه و نعشِها. حتى إذا احتاج الوطنُ قلمَه و رَصْدَهُ لم يجد له تأثيراً، إنْ لم يكنْ تأثيراً عكسياً فيَغْدوَ عِبْئاً على المرحلةِ لا بَنّاءً لها. و في خضمِ هذا المُعتَركِ حقيقتان جديرتان. استقلاليةُ حكمِ اللجنة رغم ما قد يكون طالها من ضغوط، وامتثالُ الصحيفة لحكمِها . لكن يُحزِنُ تأخر نشر الوقائعِ أربع سنواتٍ بعد صدور محاضرِ المرورِ والضبطِ الجنائي المُبرئيْنِ للحادث. هو درسٌ مفيد لصحافةٍ شعارها العدالةُ و الإنصاف. لكن الأهم التحذير أن الوطنَ لو فَرَّطَ بمصداقيتِها فإنما يَطعنُ نفسه في مَقتلٍ لا نَجاةَ منه. Twitter:@mmshibani