مقتل طفلة ينبع تحت ساطور خادمتها يجب ألا يمر مرور عابر.. بالرغم من أن لسان الفاجعة يقول أكثر من هذا.. شيء له علاقة بمستقبل الطفولة في وطن بحجم وقيمة بلد مقتدر كالسعودية.. فمن المعيب أن تظل تلك الطفولة تحت رحمة خادمات لا يعين من شأن التربية إلا ما تطالعنا به الصحف من مآسي وانتهاكات يندى لها الجبين..الأمر الذي يفرض على المعنيين بإدارة الأجهزة المرتبطة بالعمق الاجتماعي والتربوي داخل الدولة ضرورة التحرك الآن وبسرعة لإنقاذ المستقبل المتمثل في براعمها الغضة قبل أن تسحقها سواطير الخدم. الجميع يعلم أن ولوج الخادمات في حياتنا كان من باب توظيف نسائنا الذي استقطع من وقت تواجدهن بالمنزل قرابة الثماني ساعات من أول النهار حتى ما بعد منتصفه.. وبالطبع كان ذلك على حساب حقوق أطفالهن عليهن.. وحتى لا ينحى الموضوع منحى آخر أبين أنني لا أقصد أن الخلل كان في ذات التوظيف.. لأن ذلك حق للمرأة لا أجرؤ على إنكاره .. فضلاً عن أنه حق للوطن بوصف الموظفات يملأن ثغرة مهمة على جبهة النهوض الوطني.. إنما يكمن الخلل في آلية الدفع بتوظيفهن دونما غطاء منظم يفضي إلى أقصى درجات الحماية لأطفالهن.. وهو الغطاء الذي يفترض أن يكون من أوجب واجبات الحكومة تجاه النساء العاملات سواء في مؤسساتها أو في مؤسسات الجهات الأهلية أسوة بكثير من الدول التي سبقتنا بتوظيف جهد وفكر وطاقة المرأة العاملة ، حيث أدركت تلك الدول ما للطفل من حقوق يجب ألا تمس أو تبتخس.. أقلها حقهم في تمتعهم التمتع الكامل بصدور وأحضان أمهاتهم منذ الولادة وحتى يدلفوا أبواب التعليم العام.. فإن اضطرت الموظفة الحاضنة هناك للعمل أثناء هذه المدة استجابة لواجباتها الوظيفية فإن على الجهة المستفيدة من هذا العمل تأمين حضانة الطفل بشكل إجباري نظير استقطاعها وقتاً كان من المفترض أن يكون ملكاً للطفل وأمه.. فإن لم تستطع تلك الجهة تأمين هذا الحق كان لزاماً على الدولة تأمينه بالنيابة عنها ، مع فرضها إياه على كل الأطراف بما فيها أسرة الطفل نفسه إذا ما تبين أنها غير جديرة برعايته أو بسبب تمنعها عن إلحاقه بدار حضانة تعوضه فيه عن انشغالها. وذلك من أجل ألا يترك مصيره كما لدينا لاجتهادات الأسرة التي وجدت نفسها مضطرة لاستقدام خادمات غالبيتهن غير مؤهلات لهذا الغرض. الحقيقتان اللتان يجب على الجميع في هذا الوطن إدراكهما هما.. أولاً : أن الخادمات لسن البديلات عن الأمهات مهما كانت المبررات.. لسبب بسيط.. أنهن خادمات.. وأتين من بلادهن على هذا الأساس..أي لسن مربيات يحملن مؤهلات وخبرات تربوية تمكنهن من رعاية الأطفال في الوقت الذي يؤدين فيه الواجبات المنزلية , والثانية : أن الجهات التي تستفيد من توظيف السيدات لدينا هي من تدفع الأمهات نحو اللجوء لإحلال أولئك الخادمات مكانهن في المنازل مع اطفالهن رغم أنوفهن.. وعلى رأس تلك الجهات وزارة التربية والتعليم التي تستثمر وقت وجهد ما يقرب من (ربع مليون) سيدة يعملن لديها معلمات داخل مدارسها والتي تربو فوق 18 ألف مدرسة دونما أن توفر لغيابهن عن منازلهن البديل الآمن لأطفالهن سيما من كان منهم (دون سن الثالثة) ، لذلك فمعظم الحل يقبع على عاتق تلك الجهات..إذ عليها أن تتقيد بمسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والاجتماعية تجاه من توظفهن من النساء اللواتي تركن أطفالهن كرهاً.. لا لشيء إلا لأجل تسيير أعمال تلك الجهات بكل تفانٍ وإخلاص.. وأقول هذا ليس من باب الإشفاق عليهن.. بل لأن ذلك حقهن ما دمنا ندندن بين الحين والآخر على أهمية خروجهن للعمل ووجوب مشاركتهن في بناء الوطن.. وكأن رعاية وتنشئة الأجيال عملاً لا يمت للوطن بقشة من صلة. Twitter: @ad_alshihri