شجعني صاحب السمو الملكي سعود بن عبدالمحسن آل سعود امير منطقة حائل حينما صرح لصحيفة عكاظ في بداية الأسبوع الماضي بأنه سيبلغ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالوضع الصحي في المنطقة والأنظمة التي أدت إلى خلل في معالجة الأخطاء وتكرارها. وأن "النظام الصحي في المملكة بحاجة إلى نظرة شاملة، وتعديل جذري يحدد المسؤولية بشكل دقيق، ولا أعفي الوزارة من المشكلة كونها كبيرة، والأمور مرتبطة ببعضها البعض بين الصلاحيات والإحساس بالمسؤوليات". بتصرف. انتهى حديث سموه الكريم لأن اعود للحديث عن الهم الصحي وبصفة عامة واكرر مع بداية كل مقال وعلى مدار عقدين من الزمن التأكيد على ان الدولة لم تقصر إطلاقا في ضخ الموارد المالية لتكون اعتمادات لمشاريع وزارة الصحة وأن الأرقام تضاعفت خلال العشر السنوات الماضية من اربعة مليارات سنويا إلى ما يزيد عن ستين مليارا وهذا دليل على ما توليه الدولة لهذا القطاع الحيوي الهام. ولكن وهذا حقيقة وليس تقليدا وكما ذكرت في مقال سابق لقد هرمنا ونحن ننتظر من وزارة الصحة الرقي بخدماتها ومواكبة الواقع وحجم ما ينفق على هذا المرفق الحيوي ويسخر له من إمكانيات مالية وفنية وبشرية لكن ينقصها الجودة التي كلما وعدنا بها وجدناها تنهار، فلا المريض كان (اولا) ولا الخدمات كانت (معقولة) ونكرر لعل هنالك من يسمع نحن لا نسوق الكلام جزافا بل من واقع مؤسف وموجع بل مفجع فبين كل فترة وفترة تظهر على السطح مشاكل كوارثية بمعنى الكلمة هي وليدة إهمال وعدم اكتراث وتؤكد أن لا أجندة حقيقية ذات نظرة طويلة المدى تحظى بها إستراتيجية العمل بهذه الوزارة وكأننا بمن يقول (انا ومن بعدي الطوفان) ولعلي قبل سنوات كتبت مقالا (حمى الوادي وجدار الصحة المتصدع) واليوم أراه مائلا ولعل نظام التأمين الصحي للمواطنين خير شاهد رغم مرور ثلاثة وزراء على الوزارة والمشكلة لا زالت قائمة بدون مسببات مقنعة أبدا بل بقيت رهينة الأدراج رغم أن كل مسؤول مع بداية توليه يعلن أن التأمين الصحي للمواطنين سيكون من اولويات مهامه، يعني هرم الشباب منذ فكرة التأمين ولا زال (مكانك سر) وتعثر مشاريع الوزراة وبالذات المستشفيات واضح للعيان ولا يبدو في الأفق حلول لمشاكل ذلك التعثر، وقبل فترة كانت كارثة سيارات الإسعاف وما ظهر من خلل فني يضاعف متاعب المرضى ثم اعقبها أجهزة تحليل السكر ويظهر أن في الخفاء ما هو أدهى وأمر ولعل اخطر ثم كارثة كراسي غسيل الكلى بعدما قررت الوزارة إلغاء الصفقة وسحب 700 كرسي صيني من المراكز وهذه مصيبة والمصيبة الأكبر هوعدم توفر الكراسي القديمة التي تم التخلص منها من قِبَل إدارات مراكز الغسيل. والواقع المؤلم يؤكد عن وجود كراسي الغسيل الكلوي الصينية في عدد من مراكز ووحدات الغسيل الكلوي في بعض المحافظات. فيما كانت الفاجعة حينما أعلنت وزارة الصحة في بيانها الرسمي رفضها تسلم الكراسي الجديدة. وقد أبدى عدد من الأطباء في أقسام الغسيل الكلى بمستشفيات منطقة المملكة استغرابهم من تصريح وزارة الصحة برفضها تسلم الكراسي رغم أنها سلمت بالفعل وتم تشغيلها. ثم اخيرا وليس اخرا مشاكل كبيرة في صحة حائل وهي صورة مصغرة لما يحدث في منطقة مكة او غيرها. ولست هنا بصدد السلبيات القاتلة في الوزارة والتي سبق ان اشارات اليها تقارير مجلس الشورى وحقوق الإنسان واخيرا مكافحة الفساد وجهات رقابية عدة، لكن أن تتخلى الوزارة عن تقديم الخدمات للمرضى وفق منهجية طبية مواكبة فهذا قمة الاهمال حيث لاحظنا مؤخرا تخلي المستشفيات الحكومية عن كثير من المرضى ورعايتهم صحيا بدون سبب مقنع ومنهم من يقضي نحبه ومنهم من يلجأ بعد الله للإعلام او لولاة الأمر حفظهم الله ثم يسارع المسؤول في نقله وتقديم الخدمات الواجبة أصلا. فلماذا لا تكون هنالك آلية لمثل هذه الحالات التي تعتبر الخدمات الصحية حقا لهم وواجب مكتسب بدلا من الركض تحت صوت مطارق الإعلام ومتابعة ولاة الامر والشواهد كثيرة، او البحث عن وساطة وما إلى ذلك. وهل مثل هذا المرفق الهام يقوده الإعلام؟ أم من الفروض إستراتيجيات مدروسة يلمسها المريض على ارض الواقع لا عبر الإعلام والوعود التي عادة لا تجد النور.. (25) عاما ونحن نكتب ولكن هرمنا دون أن نلمس ما يشفي الصدور قبل الأوجاع، ولعل موقف سمو الأمير سعود يكون بمثابة آخر الدواء (الكي) لعل وعسى أن ينفع الله بها، وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 فاكس 6917993